فقه العلاقات الإجتماعية

أضيف بتاريخ 10/14/2018
Admin Post


للتحميل:

اضغط هنا

 

بين يدي القارئ

 

يزدحم فضاء التوجيه في عالمنا المسلم بالكثير من المفردات .. ولأنه لا توجد خطة في هذه العملية حيث يتحدث الخطيب كما يشاء ، ويكتب الكاتب ما يحب .. اختلطت الأمور في ذهن المتلقي ، بين ما هو أخلاقي وعظي غايته صنع الرغبة في العمل الصالح أو الرهبة من السيئات ، الشوق إلى ثواب الله والخشية من عقابه .. حيث له في ذلك منهجه الخاص وأسلوبه المتميز .

وبين ما هو إلزامي فقهي لا بد من القيام به ، وإلا عُد المتنكر له والرافض إياه عاصيا ، ومع الإصرار فاسقا .. وهذا أيضا له محدداته وطريقة خطابه وبيانه .

ومما هو واضح أن الفكرة المبيَّنة كلما كانت أكثر غرابة ، كانت أبقى في الذهن ! وأدعى للنقل والاستشهاد بها ، مع أنها قد لا تكون هي الأفضل أو الأدق ! وهذا يعود إلى حالة لدى الإنسان أنه لا ينقل ما لم يكن ذا غرابة أو طرافة ، أو لا يتحمس لذلك على الأقل .

بينما ما جاء في القضايا الوعظية والأخلاقية والتي لسانها عادة ، لسان التخويف أو الترغيب وهو لسان يستفيد من عناصر الغرابة أحياناً .. وربما خلق صدمة لأول الأمر ، يكون هو البارز والحاضر في النفوس !

إن ما يقال من أنه ( لا يُسأل الرجل فيمَ ضرب امرأته ) بغض النظر عن قيمته ـ سنَدا ـ يبقى في ذهن قارئه أكثر مما يبقى ( وعاشروهن بالمعروف ) ! وإن مثل ( أنت ومالك لأبيك ) بظاهره يصدم القارئ أو السامع ويثير فيه التساؤل أكثر مما يفعل ذلك ( يحل للرجل من مال ولده قوته بغير سرف إذا اضطر إليه ) .

والفرق هو فرق التوجيه الوعظي الأخلاقي الذي لا يشترط فيه غالباً النظر إلى مختلف الجهات وإنما المقصود منه غالباً إيجاد دافع للعمل أو رادع عنه .. بينما التوجيه الإلزامي الفقهي ينظر إلى مختلف الجهات المتعارضة في التوجيه الواحد

ويأتي بعد ذلك في صورة نص قانوني يحفظ للجميع حقهم !

لهذا كنا بحاجة إلى فصل هذين الخطابين بشكل واضح ، وتحليل كل منهما في دوره وغايته ، وبيان نتيجة كل منهما ، وما الذي ينبغي أن يُلتزم بعد ذلك .

وأول ما يلحظه المتأمل من وجود الخلط المذكور ما نراه في العلاقات الاجتماعية بين الناس ، فهذا المحيط الذي يرتبط به ويتعامل معه بشكل يومي ، يتوارد عليه كلا الخطابين : الوعظي الأخلاقي والفقهي الإلزامي .. بدءا من علاقة الولد ( ذكرا وأنثى ) مع والديه ، ومرورا بعلاقته بأصدقائه ، ثم علاقته بزوجته وهي به . وأيضا علاقة هذا الإنسان برب عمله ، أو بالعامل عنده لو كان هو رب العمل ، وعلاقته بجيرانه الذين يعيشون معه في منطقة الجوار ..

ولا ريب أن العلاقات هي أكثر من ذلك ، لكننا اقتصرنا في هذه الصفحات على ما تم ذكره لتكون مثالا على غيرها ، بالإضافة إلى أنها الأبرز والأكثر ابتلاء .

أرجو أن أكون قد قدمت في هذه الصفحات هدى لمن أراد ، وإن لم يكن ذلك فيكفيني نية الخير ورجائي ذلك ..

 

 

فوزي بن المرحوم محمد تقي آل سيف

القطيف ـ المملكة العربية السعودية

16/ 12/ 1430 هـ