رؤى في الاصلاح الثقافي
أضيف بتاريخ 10/14/2018
Admin Post
للتحميل:
مقدمة
تعيش أمتنا العربية والإسلامية كما هو مشاهد وضعا متخلفا ، في أكثر من صعيد .. فهي تقبع في ذيل الأمم المتحضرة وتحتل موقعها في خانة الأمم المتخلفة والتي تسمى مجاملة بالنامية . وفي داخلها لا يحتاج الباحث إلى أكثر من الالتفات إلى ما حوله ، ليرى آثار التخلف ومظاهره في مختلف الصعد ظاهرة .
ففي المجال السياسي لا تزال الأمة تعيش ضمن أنظمة سياسية لا تنتمي إلى هذا العصر وبعض شعوبها تحيا غائبة تماما عن واقعها السياسي ( تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها ) ، كما لم هذه الشعوب تحقق تقدما في صراعها الأساس ، بل تتراجع يوما بعد يوم وأمامك القضية الفلسطينية شاهد فما كان يرفضه المسلمون بقوة في السابق أصبحوا يتوسلون لنيل بعضه اليوم فلا يجدونه !
وفي المجال الاقتصادي تلاحقك صور الفقر والبطالة وضعف الإنتاج ، ويتمثل بين عينيك عناوين التبعية بالرغم من مقومات الثراء والغنى الموجودة فيها ، في البر والبحر والموقع ، وغير ذلك مما يعلمه الجميع .
وإذا كانت المجال الاجتماعي في السابق يشفع لهذه الأمة بعض الشيء حيث لم تصل مشاكل الحداثة وآثار العولمة ، فبقي أثر التوجيهات الأخلاقية والأنماط الاجتماعية التقليدية صائنا لقسم من القيم ، وحافظا لأبناء المجتمع من الانهيار ، فإن هذا بدوره قد تراجع على أثر الانفتاح على الثقافات والعادات الذي جاء به عولمة التواصل في هذا الزمان .
ولهذا ينبغي التساؤل عما هي الحاجة الأكثر إلحاحا بالنسبة لأمتنا لكي تتجاوز وضعها السيء الراهن ؟
ربما يسرع البعض إلى الإجابة بأن التخلف لما كان شاملا في كل النواحي ، فنحن نحتاج إلى كل شيء ؟ إن ذلك يشبه قرية منكوبة فتحتاج إلى الشارع والمستشفى وقنينة الماء والمخبز وهكذا باقي الأشياء ، لا تستطيع أن تستثني شيئا .
وهذا الجواب بالرغم من صحته إلا أنه لا يمنع من السؤال بأنه ما هو الأكثر إلحاحا في تلك القرية ؟ إن حاجة الأمة متعددة فهي تحتاج إلى التخصص العلمي ، وتحتاج إلى السلاح المتطور ، وتحتاج إلى المصنع المنتج وتحتاج إلى غير ذلك ..
لكننا نعتقد أنها تحتاج قبل كل ذلك وبعده وأثناءه إلى البصيرة والمعرفة والثقافة .. وهذا يعني أنها تحتاج إلى نظرية ترسم الطريق الصحيح في حياتها ، وتحتاج خريطة تعلمها من أين تبدأ .. وتحتاج بالتالي إلى إصلاح ثقافي بحيث لو لم تحصل على هذا الجانب ولم تسعَ فيه ، لم ينفعها ما حصلت عليه !
ضمن هذا الإطار تأتي هذه الصفحات لكي تعالج هذه المسألة في القسم الأول من الكتاب ، بينما يتناول القسم الثاني قواعد في فهم التراث من النصوص ، والذي لا يزال يؤثر تأثيرا مباشرا وكبيرا على حركة الأمة ، وتتأثر بطريقة فهمه اختياراتها في الحياة ، مساهمة من المؤلف في تلمس طريق التغيير والإصلاح الثقافي في الأمة وهي ـ في الأصل ـ محاضرات سبق أن ألقيت في موسم رمضاني سابق ، أرجو أن تكون إشارة إلى الطريق الصحيح ، فإن كانت فلله الحمد وإلا فأرجو أن لا يفوتني أجر النية الصالحة .
فوزي آل سيف
تاروت ـ القطيف ـ شرق السعودية
29/4/1428 هـ