17 مسلم بن عقيل حياته قبل وصوله الكوفة

أضيف بتاريخ 04/07/2024
|

محرم 1440هـ

(مسلم ابن عقيل حياته قبل وصوله الكوفة) 1

كتابة الأخت الفاضلة فاطمة بنت الشيخ منصور

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://al-saif.net/?act=av&action=view&id=2157

المختار الثقفي وأزمة التصريح:
وعلى العكس ما حصل مع المختار الثقفي فمن أشد المشاكل التي واجهها المختار الثقفي في مجتمع الكوفة هي مشكلة التفويض والتصريح لأن السجاد عليه السلام لم يكن من الصالح أن يعلن عن ارتباط المختار به إما لجهة سياسة والموقف من بني أمية أو لأنه ستحصل بعض الإشكالات التفصيلية في أعمال أنصار المختار فيما بعد فالإمام لا يريد أن يتحمل تلك الأخطاء أولأسباب أخرى فلم يصرح الإمام السجاد عليه السلام كهذا التصريح الذي صرحه الإمام الحسين عليه السلام في حق مسلم ابن عقيل لذلك واجه المختار مشكلة كبيرة واستطاع الزبيريون والأمويون أن يضربوا على هذا الوتر فهو لا يؤيد من قبل أهل البيت عليهم السلام لولا أن محمد ابن الحنفية سأل الإمام زين العابدين عليه السلام عن موقفه تجاه المختار فقال له الإمام زين العابدين عليه السلام فقال له جوابًا عامًا (ياعم من تعصب لنا أهل البيت وطلب بحقنا وجب على المسلمين مناصرته ولو كان عبدًا حبشيًا) فجواب الإمام فيه موافقة من جهة وعدم تحمل كامل المسؤلية من جهة أخرى.

رحلة مسلم ابن عقيل:
في الخامس عشر من شهر رمضان خرج مسلم ابن عقيل من مكة مرورًا بالمدينة لزيارة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أستأجر دليلين من المدينة وغادر معهما إلى الكوفة ووصل إلى الكوفة في الخامس من شهر شوال حيث استغرقت رحلته عشرين يوما وهذه الفترة أكثر من المعتاد فالعادة أن يُقطع هذا الطريق في اثني عشر يومًا وكحد أقصى في أربعة عشر يومًا ويرجع ذلك ربما لبقائه في المدينة يوم أو أكثر، أو ماقيل بأن الدليلين الذين كانا معه لم يستطيعا إكمال الطريق معه بعد أن ضلا الطريق ونفذ ما عندهم جميعًا من الماء فلم يتمكن من أخذهما معه ولا أن يبقى هو معهما لإنه سيتلف فقالا له اذهب من هذا الطريق وقد تنجو بحشاشة نفسك بناء على صحة هذه الرواية.
يوم للاحتفاء بمسلم:
وصل مسلم ابن عقيل إلى الكوفة في الخامس من شهر شوال ومن اللطيف أن إدارة مسجد الكوفة جعلت هذا اليوم يومًا للاحتفاء بمسلم وإقامة الندوات والمؤتمرات فهو اليوم الذي شرَف فيه هذا البطل الهاشمي الكوفة.
بيعة الكوفيين:
أقبل الكوفيون لمبايعة مسلم ابن عقيل حتى بلغ عددهم ثمانية عشر ألفًا وهو أمر ليس بالسهل ولكن لأن الوضع العام بالنسبة للشيعة كان مستقرًا وهذا واضح من الإسراع للبيعة وقد يكون لوضوح سفارة مسلم ووكالته من جهة الإمام الحسين عليه السلام ثم المدح والثناء الذي جاء في رسالته إلى الكوفة.

قيل أن مسلم نزل في دار المختار الثقفي وقيل أنه نزل في دار مسلم ابن عوسجة الأسدي.
القائلون أنه نزل في دار المختار ينظرون لأن هذه الدار كانت آمنة باعتبار أن المختار هو زوج ابنة النعمان ابن بشير الأنصاري والي الكوفة وهذه القرابة ستوفر لمسلم شيء من الحماية فلن يُقتحم المنزل ولن يُهاجم لهذا الاعتبار.
القائلون أنه نزل في دار مسلم ابن عوسجة لما له من دور مهم وبارز حيث كان مسلم ابن عوسجة بوابة مسلم ابن عقيل فكل من يريد البيعة أو الوصول إلى مسلم ابن عقيل يجب أن يستأذن من مسلم ابن عوسجة فقيل أنه نزل في داره لهذا الاعتبار.
مسلم ابن عوسجة ومَعقِل:
لما أراد عبيد الله ابن زياد أن يعرف مقر مسلم ابن عقيل الجديد وهو دار هانئ ابن عروة، أرسل عبيد الله ابن زياد أحد الجواسيس واسمه مَعقِل فقال لمسلم ابن عوسجة أنا من شيعة أهل البيت عليهم السلام لكنني لست من الكوفة وعندي ثلاثة آلاف درهم وأريد أن يستلمها من كان من طرف الإمام الحسين عليه السلام وسمعت أن مسلم ابن عقيل هنا فأحب أن أسلمه النقود.تردد مسلم ابن عوسجة في البداية وبعد الإصرار أدخله على مسلم ابن عقيل فكان معقل يأتي من الصباح ويبقى إلى وقت متأخر وكأنه تستفيد من حضور مسلم ابن عقيل لكنه في الواقع يتجسس عليه وعلى من يحضر عنده ويرفع ذلك إلى ابن زياد.
تطورات وانقلاب:
نتيجة لمجموعة من الأعمال والتدبيرات العسكرية والسياسية والإعلامية التي قامت بها السلطة الأموية وعبيدالله ابن زياد خصوصًا حصلت مواجهات عسكرية وكان نتيجة الهجوم على قصر الإمارة سقوط عدد من الشهداء بعضهم من أعيان الشيعة في الكوفة فبقي مسلم وحيدًا فريدًا حتى قيل أنه لم يكن معه في اليوم الأخير إلا ثلاثون رجلًا وبعد الصلاة لم يكن معه أحد يدله على الطريق فخرج من المسجد وظل يمشي حائرًا في أزقة الكوفة لا يمكن أن يقصد البيوت المعروفة في الكوفة لأنها أصبحت ملغومة وقد وُكِل بها الحراس لمراقبتها كما حصلت مداهمات لبعض البيوت لذلك لم يرجع مسلم إلى البيوت التي كان فيها ولم يشأ أن يقصد بيوت كبار الشيعة لهذا السبب فساقه الأمر أن وقف على باب دار طوعة وهي إمرأة صالحة كانت جارية للأشعث ابن قيس وكانت خيرًا منه ومن أبنائه رزقها الله نصرة الحسين في صورة نصرة سفيره مسلم ابن عقيل فأجارت المطلوب الأول للسلطة الأموية ووقفت هذا الموقف القوي رغم إمكان اعتذارها منه ولو بحجة الحفاظ عللى حياتي ونفسي أو بحجة عدم وجود رجل في البيت لكنها اختارت ما عند الله عز وجل ووفقت في ذلك توفيقًا كبيرًا وهنا الفرق بين موقفها الذي أدخلها الجنة فرافقت الأنبياء وموقف ابنها بلال الذي ساقه إلى الجحيم فرافق الأشقياء.