26 شخصية حبيب بن مظاهر الأسدي

أضيف بتاريخ 03/21/2024
|

محرم 1440هـ

شخصية حبيب بن مظاهر الأسدي

كتابة الأخت الفاضلة إيمان / البحرين

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://al-saif.net/?act=av&action=view&id=2167

الشاهد على علم حبيب:
فالشاهد هو ما يُنقل بعد شهادة الأمير(ع) من أن حبيب كان يمشي في الكوفة على فرس له، فالتقى بميثم التمار وظلا يتماشيان حتى اختلفت أعناق فرسيهما (لشدة قربهما من بعض) حتى قال حبيب له: لكأَنّي بشيخ أصلع ضخم البطن، يبيع البطّيخ عند دار الزُّرقِ، قد صُلِب في حبِّ أهل نبيّه، ويُبقر بطنه عليّ الخشبةِ (يقصد بذلك ميثماً) فأجابه ميثم التمَّار: وإنيّ لأعرف رجلاً أحمر له ضفيرتان، يخرج لينصر ابنَ بنت نبيِّهِ فيُقتل، ويُجال برأسه في الكوفة ( يقصد حبيباً بن مظاهر ). سمع الحاضرون هذا الكلام، فقالوا: ما رأينا أكذب من هذين الرجلين، وهذا نتيجة عدم استيعاب وفهم الشيء المحيط من الحضور، فينسبون الكذب للرجلين بدل من الاعتراف بقصورهم في الفهم والمعرفة، وهذا ما يحصل لأغلبية الناس، فالروايات تقول: لا أدري نصف العلم، فما ليس لك به علم ليس من الخطأ أن تقول لا أدري به، فهذا علم لا جهل، وفي هذا المجال نذكر حادثة شخص أراد الدخول للدراسة الدينية وكان يريد أن يبين أنه في مراحل متقدمة من العلم، فسألوه هل أنت دارس من قبل؟ قال: بلى أعلم، فسأله الممتحن ما هو الحدث الأكبر؟ (مثل الجنابة الذي لا يطهره إلا الغسل، والحدث الأصغر كالبول الذي يطهّر بالوضوء)، فسُئل الشخص عن الحدث الأكبر، ففكر وفكر فقال ما هو الحدث الأكبر هذا الوقت؟ فقال ظهور الإمام الحجة هو الحدث الأكبر، فسكت الممتحن وقال لن يكمل الأسئلة (أي عرف أن هذا الشخص لم يدرس العلوم الدينية من قبل ولكنه لم يفصح بذلك)، والشاهد أن الحضور قالوا ما رأينا أكذب من هذين الرجلين، فجاء رشيد الهجري وهو أيضا من الأفذاذ، فسأل الحضور: هل مر عليكم ميثم؟ قالوا: بلى قد مر علينا ميثم ومعه حبيب، فقالا كذا وكذا، فقال رشيد: رحم الله ميثما فقد نسي أن يضيف: ويُحمل رأس حبيب، ويُزاد في عطاء حامل الرأس 100 درهم، فقال الحاضرون: هذا أكذب الثلاثةّ!!
شرطة الخميس:
فما مرت الأيام حتى رأى هؤلاء المكذبين لكلام الثلاثة، رأوا ميثم التمار بعد شهادة الحسن عليه السلام، رأوا ميثما مصلوبا على نخلة وقد ابتدر بطنه ومات، ورأوا بعد مدة من الزمن، أن حبيب التحق بالحسين وقتل، ومن جاء برأسه، زيد في عطائه 100 درهم، وهذا الموقف يشير إلى أن مثل حبيب ومسلم ورشيد كان لديهم علما استثنائيا خاصا من أمير المؤمنين، ربما لا يوجد هذا العلم عند أصحاب الأمير المقربين، وهذا يدل على أن قابلياتهم الفكرية عالية وكبيرة، هذا فيما يرتبط بالجانب النظري والعلمي، وفي نفس الفترة التي كان فيها أمير المؤمنين، يُعدُّ حبيب بن مظاهر من شرطة الخميس، والخميس تعني الجيش وليس اليوم المعهود، حيث سمي الجيش بالخميس لأنه يقسم لخمسة أقسام، وخمسة كتائب، ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة ووسط أو ساقة، وفي الشعر:
ولاقى خميساً يملأ الزحف جيشه، أي لاقى جيشاً..
شرطة الخميس أشبه بالشرطة العسكرية التي تحت السلاح دائماً، فإذا كان هناك حرب وقتال، هذه تضبط الشيخ ويعتمد عليها في الحركة والتحشيد في الحرب، ويذهب باقي العمال لأعمالهم العادية، ولكن هؤلاء يبقون تحت السلاح، فإذا صارت أي مسألة ومعركة، يطلب من شرطة الخميس وليس كل الناس، وهؤلاء لهم شروط خاصة في إيمانهم ومعرفتهم، وكان حبيب من جملة شرطة الخميس، وشارك مع الأمير في معركة الجمل وصفين والنهروان، وبقي في الكوفة حتى بعد ماغادرها الإمام أمير المؤمنين عليه السلام، حيث كان الإمام في المدينة وبويع فيها، وأول ما خرج لقتال أهل الجمل في البصرة، وعند انتهاء المعركة رجع، ولكن ليس للمدينة، بل بقي في الكوفة واتخذها عاصمة، ولحق به من حوله من بني هاشم وأبنائه، وقبلهم قبائل ذهبت للكوفة التي أنشأت سنة 17 هـ، وتوافد الناس عليها على دفعات، وقصدها كثير من الشيعة بعد نزول الأمير فيها في عام 35أو 36 هـ، وحبيب بن مظاهر والبعض من الناس لم يكونوا كوفيين ولكن التحق بالإمام فسكن الكوفة، وبحكم علمه ومعرفته، وإيمانه، وموقعه مع الأمير ثم الحسن ثم الحسين تحول إلى زعيم من زعماء الكوفة، وهذا يتضح في قضية كربلاء، حيث هو ممن راسل الحسين عندما كان في مكة، وكانت الرسائل مختلفة المصادر وكان من أفضلها الرسائل التي جاءت من كبار شيعة الآل الكرام: مثل سليمان بن صرد الخزاعي، ومسيب بن نجبة الفزاري، ورفاعة بن شداد، ومسلم بن عوسجة، وحبيب بن مظاهر الذين اشتركوا في ما يشبه الرسالة الواحدة، وكانوا معروفين بصدقهم وولائهم للآل.
عندما أتى مسلم بن عقيل للكوفة نزل عند بني أسد، واختلف المؤرخون في هل نزل في أول أمره عند مسلم بن عوسجة الأسدي، والبعض يقول نزل عند حبيب بن مظاهر، فتطورت الأوضاع وانتقل لمنزل هانئ بن عروة، ولكن أول نزوله عند الأسديين في حي بني أسد، وإن كان يقول البعض أنه نزل عند المختار لكن الأمر في أنه نزل في حي الأسديين..
مسلم بن عوسجة من أبناء عمومة حبيب بن مظاهر، اختفيا معاً عن مجيء عبيد الله زياد، ثم خرجا معاً إلى كربلاء وكان في هذه الفترة مسلم بن عوسجة يأخذ البيعة لمسلم بن عقيل، وحبيب بن مظاهر بمثابة المعاون لمسلم بن عقيل، وتطورت الأحداث بعد مجيء بن زياد وانكسرت هذه الحركة، واستشهد مسلم بن عقيل وهانئ، وشاع جو من الخوف والترقب، وكثير من شيعة الآل والكبار سجنوا في تلك الفترة، فحبيب ومسلم بن عوسجة على أثر ذلك اختفيا في قبيلتهما؛ لأنهما لو خرجا للساحة من الممكن أن يقتلا أو يسجنا على يد ابن زياد، فانساقوا لكربلاء بالرغم من البوابات كانت مغلقة والطرق محروسة، إلا أنهما وجدا طريقاً لكربلاء ...