27 الحر بن يزيد الرياحي التوبة حرية

أضيف بتاريخ 04/10/2024
|

الحر بن يزيد الرياحي التوبة حرية

كتابة الاخت الفاضلة انتصار الرشيد

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا :

قال سيدنا ومولانا الإمام الحسين عليه السلام مخاطبا الحر الرياحي ( أنت حر في الدنيا وسعيد في الآخرة )
لم تكن واقعة عاشوراء مجرد معركة بين فئتين محددة بزمان ومكان معينين بل هي مدرسة متجددة في كل زمان ومكان بما قدمته من نماذج انسانية وفكرية وفلسفية.
من هذه النماذج الرائعة الحر بن يزيد الرياحي الذي جسد اروع نموذج للضمير الانساني الحي والارادة الحرة الواعية بانتقاله من خندق الظلام الى ساحة النور وخروجه من حياة العبودية الى طريق الاحرار، فاصبح رمزا من الرموز الانسانية الخالدة ومثالا يحتذى به في سلوك الانسان وتمسكه بالقيم العليا والمبادئ المثلى.
أحد أصحاب الحسين عليه السلام من غير الطالبيين الحر بن يزيد اليربوعي التميمي المعروف بالرياحي هذا الرجل مثل شخصية مختلفة عن سائر الشهداء من جهة الحرية والتوبة سنتحدث عن محورين أساسيين المحور الأول الحرية والمحور الثاني التوبة وسنتحدث عن سيرة الحر وحياته
المحور الأول الحرية: الحرية لها معنى خاطئ عند بعض الناس حيث يتصور أنه لا يوجد أمامه قيود تحجز حركته وان الإنسان الحر في زعم هؤلاء إذا أراد شيء فعله مثلا عندما يقال له لماذا تفعل هذا الشيئ يقول أنا حر بالذات إذا كان يرتبط بماله أو شهوته هذا المفهوم للحرية هو عين العبودية المبغوضة ، هذه ليست حرية بل استعباد من قبل الشهوات لهذا الإنسان شهوة الأكل تستعبده وتقوده فيتوجه للأكل دون أن يتحرى الحلال والحرام ، وكذلك شهوة الجنس يخضع لها ويكون عبد مأمور لهذه الشهوة فتراه ينجرف وراء الأفلام الخليعة وللعلاقات المحرمة ويمارس شهوته الجنسية خارج القانون الشرعي ولو تأمل نفسه يجد أنه عبد خاضع لشهواته وليست هذه حرية ونقل في الحديث أنَّه قال: "تعِس عبد الدِّينار وعبد الدِّرْهم، تعِس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة"، الذي يخضع لشهواته هو عبد لمتعددين وليس لواحد هو عبد لشهوة الجنس وعبد لشهوة البطن وعبد لشهوة حب المال وحب الذات بمعنى يعتبر فرجه إله بالنسبه له وبطنه إله بالنسبة له فهو عبد لهؤلاء ويكون الإنسان حر عندما يتحرى من كل الضغوط ومن كل السادة ويكون خاضع لله الذي خلقه الحر هو الذي يقول لفرجه وبطنه وكل هذه الضغوط أنا لست خاضع لكم أنا حر هذه هي الحرية الحقيقية من هذه الحرية تتفرع التوبة فإن الإنسان الذي يذنب هل يقف بينه وبين نفسه ويسأل نفسه هل الضغط الذي يوجهني للذنب ويسحبني للمعصية هل أتمرد عليها هل أتراجع عنها إذا كان كذلك فهو فعلا تمسك بكونه حر أمام المعصية ورفض العبودية لها وتراجع عن الاستمرار ويتراجع بالتوبة إذا هناك ارتباط قوي بين الحرية الحقيقية وبين التوبة ، نجد هذا في حياة شهيد كربلاء الحر الرياحي حيث قال له الإمام أنت حر في الدنيا وسعيد في الآخرة .
لماذا يذكر الحر الرياحي مع وجود عدد كبير في الجيش الأموي ؟ يذكر لأن له موقف وقصة واعظة محل إقتداء
الحر هو من قبيلة اليعقوبي التميمي بني رياحي فيهم شخصيات عملوا خير فذكروا في الخيرين من هذه الشخصيات المتميزة مالك بن نويرة اليربعوي التميمي
مالك بن نويرة بن جَمرة بن شدّاد بن عبيد بن ثَعلبة بن يربوع التميمي اليربوعي
أدرك الإسلام وأسلم وولاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقات قومه (بني يربوع)
كان مالك بن نويرة من كبار بني تميم وبني يربوع, وصاحب شرف رفيع وأريحية عالية بين العرب, حتى ضرب به المثل في الشجاعة والكرم والمبادرة إلى إسداء المعروف والأخذ بالملهوف
وكانت له الكلمة النافذة في قبيلته, حتى أنه لما أسلم ورجع إلى قبيلته وأخبرهم بإسلامه, وأعطاهم فكرة عن جوهر هذا الدين الجديد, أسلموا على يديه جميعاً ولم يتخلف منهم رجل واحد
وكان هذا الصحابي الجليل قد نال منزلة رفيعة لدى النبي (صلى الله عليه وآله) حتى نصبه وكيلاً عنه في قبض زكاة قومه كلها, وتقسيمها على الفقراء, وهذا دليل وثقاته واحتياطه وورعه
أرسل أبو بكر – في بداية خلافته – خالد بن الوليد لمحاربة المرتدين, ولما فرغ خالد من حروب الردَّة سار نحو البطاح, وهي منزل لمالك بن نويرة وقبيلته.
وكان ملك قد فرق أفراد عشيرته, ونهاهم عن الاجتماع, فعندما دخلها خالد لم يجد فيها أحداً, فأمر خالد ببث السرايا, وأمرهم بإعلان الأذان وهو رمز الإسلام, وإلقاء القبض على كل من لم يجب داعي الإسلام, وأن يقتلوا كل مَن يمتنع حسب وصية أبي بكر.
فلما دخلت سرايا خالد قوم مالك بن نويرة في ظلام الليل إرتاع القوم, فأخذوا أسلحتهم للدفاع عن أنفسهم, فقالوا: إنا لمسلمون, فقال قوم مالك: ونحن لمسلمون, فقالوا: فما بال السلاح معكم ؟, فقال قوم مالك: فما بال السلاح معكم أنتم ؟!, فقالوا: فإن كنتم مسلمين كما تقولون فضعوا السلاح, فوضع قوم مالك السلاح, ثم صلى الطرفان, فلما انتهت الصلاة قام جماعة خالد بمباغتة أصحاب مالك, فكتفوهم بما فيهم مالك بن نويرة, وأخذوهم إلى خالد بن الوليد.
وتبريراً لما سيقدم عليه خالد ادعى أن مالك بن نويرة إرتدَّ عن الإسلام, فأنكر مالك ذلك وقال: أنا على دين الإسلام ما غيَّرت ولا بدَّلت
وشهد له بذلك اثنان من جماعة خالد وهما: أبو عتادة الأنصاري, وعبد الله بن عمر, ولكن خالد لم يُلق إذناً صاغية, لا لكلام مالك ولا للشهادة التي قيلت بحقه
فأمر بضرب عنق مالك وأعناق أصحابه, وقبض على أم تميم (زوجة مالك) ودخل بها في نفس الليلة التي قتل فيها زوجها مالك بن نويرة (رضوان الله عليه)