7 صلاة الأنبياء والأديان السماوية

أضيف بتاريخ 03/22/2024
|

صلاة الأنبياء والأديان السماوية

تفریغ نصي الفاضل نزار الناصر
تصحيح الفاضلة أفراح البراهيم

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2109

قضية الأديان
الأديان بقي فيها بعض الأمور المرتبطة بقضية الصلاة ، وهذا كما قلنا يؤكد أنّ موضوع الصلاة كان موجودًا في الديانات السابقة وعلى سبيل المثال لدينا مثلا في المجوسية والزرادشتية وقد تحدثنا في السنة الماضية عن تأريخ الديانات وقصص الرسل وذكرنا عن المجوسية والزرادشتية أنّ رسول الله ص قال عنهم : « سنّوا بهم سنة أهل الكتاب ـ يعني: المجوس ـ. »(16) ، أي يعامل المجوس كما يعاملون المسيح واليهود في موضوع الطهارة ، لأنّ المسيح واليهود على الرأي المشهور هم على الطهارة ،فإن كان لديك عاملة مسيحية أو يهودية فهي على الطهارة غير نجسة على الرأي المشهور بين فقهائنا ، المجوس كذلك كما قال الرسول ص في الرواية السابقة هم نفس أهل الكتاب فهم غير نجسين ، أي بالإمكان النكاح منهم وليسوا كالكفار لا يجوز النكاح منهم، لأنّ هؤلاء المجوس في الأصل هم من أهل الكتاب ولكنهم عمدوا إلى نبيهم فقتلوه وإلى كتابهم فأحرقوه ، وقد حصل هذا التغيير والتزوير بفعل بعض السلاطين الظالمين المتحكمين في وقتهم ، هؤلاء المجوس إلى الآن لديهم أوقات الصلوات ثلاث صلوات ،صلاة الصباح والصلاة الظهر وصلاة المغرب ، وسوف نلاحظ أنّ هذه الأوقات الثلاثة مشتركة بين الصابئة واليهودية والمسيحية وعند المسلمين أيضًا، ولعل هذا ناظر إلى ما أشار إليه بعض الباحثين من أنّ هذا الترتيب الثلاثي للصلوات هو الترتيب الطبيعي والسهل على الناس ، فمثلًا لو قلنا لرجل قم وصل الساعة الثالثة والنصف وأنت لا تملك ساعة في الأزمنة القديمة ومعرفة الوقت كانت صعبة جدًا ولا يعرفها إلا المتخصصين ، فقط الذين يتخصّصون بالفلك وقضاياه هم الذين يعرفون بالدقة ، مثلا مرّت أربع ساعات من بعد الفجر أو بقي ساعة على الزوال ، هذا من عمل المتخصصين وليس عامة الناس ، والعبادة عبادة عامة لكل الناس ولذلك جعلها الله في أوقات لا يقع فيها الاختلاف ، مثلا صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى شروق الشمس ،وهذا وقت واضح جدًا لعامة الناس، بعد غروب الشمس أيضًا ، وكذلك الزوال وإن كان يصعب على عامة الناس تحديد وقتها بالدقة إلا أنّه ممكن معرفته بشكل إجمالي ،وإن كان الفرق خمسة عشر دقيقة إلى ثلاثين دقيقة فهو ليس بالكبير ، بين نظرك بالعين المجردة لزوال الشمس وبين تحديد وقتها عند علماء الفلك .
فهذا إذًا عنصر مشترك بين الديانات ويمكن أن ينفع في الاستشهاد والاستئناس في قضية الجمع بين الصلوات الذي عليه الإمامية الإثني عشرية ، فالإمامية ترى أنّه يجوز للإنسان أن يفرق بين الصلوات الخمس ويجوز له أن يجمعها في ثلاث أوقات صبح ، ظهر ،ليل وهذا لا يحتاج للرجوع للتقويم أو الفلسفة أو أي شيء آخر ، بل نجده في سائر الديانات ومع الأنبياء السابقين .
فالمجوس كانوا هكذا في أوقات صلواتهم ، وكما ذكرنا لا يعني هذا أنّ المجوس عندما تتشابه مع الإمامية في أوقات الصلوات معناها أنّ الشيعة مجوس كما يتهموننا ، بل إنّ التشابه بين الأديان هو القاعدة لأنّ كل دين يصدّق الدين الآخر، و إذا اختلف عنا مثلا وقال أنّ الإله ثاني اثنين نقول إنّ هذا خطأ فالإله واحد لا ثاني له، ولكن لو قال هذا الدينّ أن للصلاة ثلاث أوقات وهذا الدين قال نفس الكلام معناه أنهما متطابقان ، والقاعدة الأساسية هي هكذا أن يتشابه مثلا المسلم واليهودي في حكم معين ، فليس هذا من العار بل هذا هو الطبيعي أن تتفق الأديان في تشريعات الله عز وجل .

الصلاة اليهودية
اليهود لديهم الصلاة ثلاثة أوقات وأهمها الصباح وتسمى عندهم ( شحرين ) بمعنى وقت غلس السحر وهو قريب الفجر ، مع ملاحظة أنّ كلمة شحرين تقريبَا تشبه سحر وهذا لقرب اللغة العربية بالعبرية ، وعندهم أيضا صلاة المغرب أو العشاء وتسمى عندهم ( يشماع ) أي السماع باللغة العربية ،وعندهم الصلاة المتوسطة وهي الظهر ، ولكن لدهم مشكلة – اليهود المتأخرين- والتي جعلتنا نقول أنّ هذا الحكم مستحيل يصدر من الأنبياء ، حيث أنهم يقفون بين يدي الله عز وجل وعندهم ركوع وأذكار ولكن ليس لديهم سجود ، بالرغم من أنّ قراء التوراة والباحثين فيها يقولون أنّ هناك تسعين موضعّا في التوراة يتحدّث عن السجود وسجود الأنبياء ، ولا نعلم حقيقة إذا كان عندنا في القرآن نفس هذا العدد من تكرار لفظ السجود، والعجيب أنّ اليهود عندهم أنّ إبراهيم وموسى ودانيال وفلان وغيره كلهم سجدوا لله ويأتون يحذفون السجود من صلاتهم ، حقيقة هذا أمر عجيب ، ولعل نفس اليهود الذين قاموا بحذف غسل الأرجل أثناء الوضوء -وقد ذكرنا ذلك من قبل أنّ بعض اليهود قاموا بتغيير بعض أحكام التشريعات اليهودية- إلا إذا كانت هذه الأرجل متّسخة وإلا فهؤلاء يقولون لا نحتاج أن نغسل الأرجل للطهارة إذا كانت نظيفة ، ولعل مثل هؤلاء هم الذين يزيلون عنصر السجود من الصلاة وهذا هو الذي يعيبه عليهم القرآن الكريم ويندّد به ويقول: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّه)(17)،
عدي بن حاتم الطائي لما أراد أن يسلّم تحدث مع الرسول ص والنبي قال له أنا أعرف منك بدينك استشهد له بهذا الآية السابقة، فقال له عدي: ماكنا نعبدهم، وكان عدي من القساوسة ، وكانت عنده معرفة جيّدة بالدين المسيحي وكان هو على المسيحية حينها ، فقال له النبي: أولم يكونوا يحلّلون الحرام لكم ويحرّمون الحلال عليكم ، فقال عدي : نعم ، فقال الرسول هذه العبادة – أي أنكم كنتم تعبدونهم من دون الله تتركون ما شرع الله وتطيعون رهبانكم- ، الله يأمركم بتطهير أرجلكم عند الوضوء وأنتم لا تفعلونها لأنّ أحد الحاخامات قام بتغييرها فأطعتموه .
إذاً فاليهودية كانت لديهم الصلوات وكانوا يصلون لله على اختلافات لسنا بصدد ذكرها الآن .