1 المشرع الحقيقي هو الله تعالى

أضيف بتاريخ 03/21/2024
|

المشرع الحقيقي هو الله سبحانه وتعالى
تفريغ نصي الأخت الفاضلة فاطمة
تصحيح الاخت الفاضلة أفراح آل ابراهيم

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2198

١- المشرع الحقيقي سبحانه وتعالى
في ضلال هذه الآية المباركة من سورة الشورى ( شرع لكم من الدين ما وصّى به نوحًا والذي أوحينا إليك وما وصّى به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه )
في ضلال مفردات الآية نرى :

1/ كلمة (شرع) التي يشتق منها التشريع تأتي باستخدامات متعددة ولكن يجمعها كما قال بعض المحققين في اللغة معنى واحد وهو( إنشاء طريق واضح إما مادي وإما معنوي ) إنشاء طريق واضح لذا يقال شرع العمل شرعة وتشريعًا.
ومنه جاءت استعمالات متعدّدة كالشارع الذي في الخارج نقول هذا شارع ، شقّ العمال شارعًا أي طريقًا واضحًا .
الشارع هنا في هذا الاستعمال يعني طريق واضح
أيضًا منه تقول ( شرع فلان في الأمر الفلاني يعني بدأ بطريق بيّن وواضح ) ونقول أيضًا شريعة الماء، ودائمّا ما نذكر هذا المصطلح أيام العباس عليه السلام فنقول عنه حامي الشريعة ، هنا ليس المقصود الشريعة الإسلامية وإنما المقصود بها حامي المشرعة ، والمشرعة والشريعة هو الطريق الذي يؤدّي إلى الماء، لهذا يقال وصل إلى شريعة الفرات.
يعني الطريق الواضح الذي يوصل إلى الماء فأنت لا تستطيع من أي مكان أن تأخذ من النهر من الممكن أن تزلق ومن الممكن أن تغوص رجلك فيجعلون طريقًا إلى النهر يقال له شريعة النهر أو شريعة الفرات أو شريعة الماء أو مشرعة الماء وهكذا،
ومنه أيضًا يستخدم الشريعة بعنوان الطريق وبالنسبة للأحكام فتقول شريعة الله و شريعة موسى و شريعة عيسى يعنى الطريق الواضح ولكن ليس الطريق المادي مثل هذا الشارع المسفلت وإنما طريق أحكامي طريق مبادئ و طريق معارف و طريق عبادة يقال لذلك الشريعة ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتّبعها )2 جعلناك على طريق واضح وبيّن وجلي في أمور الأحكام والعبادات والمبادئ الدينية ، ولأجل أنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي يقوم بوضع الطريق العبادي و الإحكامي يقال له الشارع ، لذا ترى دائمًا يقول ( الشارع المقدس ) وهو الله سبحانه وتعالى الذي يشرع الأحكام وهنا في الآية المباركة شرع لكم من الدين الفاعل لديها شرع فهو شارع مثل ضرب فهو ضارب
وأيضًا يقال شرع وشرّعه الله سبحانه وتعالى ، شرع للناس أحكامهم فهو المشرّع سبحانه وتعالى.
شرع لكم من الدين
2/ كلمة الدين : لها معاني متعددة منها ولكن هذه الكلمة يجمعها شيءٌ واحد وهو الخضوع والانقياد والطاعة ، حتى قضية أنّ فلان مديون تأتي من هذا الباب لأنّه على أثر أنّه مقترض من غيره فهو خاضعٌ له في هذه الجهة ومطلوب منه أن يؤدّي ويسدّد .
إذن الشيء الذي ينتهي إلى خضوع و إلى طاعة وإلى انقياد يقال له الدين ، بل أنّ بعض اللغويين قالوا إنّ نفس كلمة المدينة سميت المدينة مدينة لأنّها محل للخضوع و للأنظمة والأحكام ، مدينة على وزن مفعلة المكان الذي لا بدّ للإنسان أن يخضع فيه للأنظمة ، لأنّ المدينة تختلف عن القرية ففي المدينة مكان يطبّق فيها الانقياد والخضوع والطاعة ، ولكن في القرية الوضع مختلف يستطيع أي شخص أن يبني بأي كيفية بعكس المدينة التي تخضع ساكنيها لمجموعة من الأنظمة والقوانين.
وكذلك الدين جملة المعاني الأساسية التي ينتهي إليها هو قضية الخضوع والانقياد والطاعة ، شرع لكم من الدين الله سبحانه وتعالى ما وصّى به نوحًا وما أوحينا إليك يا رسول الله ووصى به إبراهيم وموسى وعيسى .

2- ماذا شرع الشارع الحكيم؟
من ضمن العناصر المشتركة بين الديانات المختلفة هو ما شرعه الشارع الحكيم ، فالديانات في أصولها العامة واحدة لكنها تختلف في تفاصيلها ، وهذا ما تتحدّث عنه الآية الكريمة، وأساس العقائد الدينية بالنسبة لجميع الديانات هو التوحيد ، والتوحيد له تجليات متعدّدة ولكي يعترف الانسان بوحدانية ربه لابدّ له من أن يفكّر في جهات متعدّدة:

- توحيد الخالقية : أن يعتقد أنّ الله هو الخالق للأشياء لا يشترك معه أحد ولا يستعين بأحد ولا يندّه و لا يضاده ولا يقف إلى جانبه أحد في أصل الخلق ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين )3
- توحيد الربوبية :أن يعتقد الإنسان أنّ الله وحده لا شريك له هو ربّه ورب كل شيء وأنّه يعبده ولا يعبد أحدًا سواه ولذلك لا يسمح الله سبحانه وتعالى للإنسان بأدنى اشتراك في هذه حتى بمقدار العجب والرياء لذا يقول لك: لا تشرك معي أحدًا بل اجعل عملك وعبادتك لي لا لأحد ولو بنسبة بسيطة.

- أن يعتقد الإنسان أنّ المشرع للقوانين والأحكام هو الله سبحانه وتعالى وأنّ أي حكمٍ يراد تشريعه لا بدّ أن يكون تحت تشريع الله ومنبعث من أحكام الله وإلا فإنّه مرفوض ، وهذه معركتنا من قديم الزمان إلى اليوم.

هل العقل قادر على التشريع ؟

هناك بعض النظريات في زمننا الحاضر تقول بأنّ زمن الأنبياء قد ولّى فقد أتوا في مرحلة زمنية معينة وعملوا على هداية الناس وأنقذوهم من الظلمات ، أما الآن فتأتي مرحلة العقل ، لأنّ العقل قادر على التشريع ، لنفترض أنّ هناك تشريعات كانت ملائمة إلى أزمنتها و ملائمة لمجتمعاتها ، لكنها الآن في الزمن الحاضر غير مناسبة ، إذن العقل هو من يشرّع ، ولدينا من يقول أنّ هناك عقول مفكّرة وكفاءات من الأطباء والمهندسين والمفكرين يجتمعون في مكان واحد ويستطيعون الخروج بتشريعات وأحكام تناسب الناس ، نحن نقول إن كان ذلك الحكم تحت الإطار الإلهي ومنبعثًا من الأحكام الإلهية ومن البصائر الدينية ، وممّا جاء به القرآن الكريم فلا بأس به ، أما إن كان لا يوازي الحكم الشرعي فلا يعمل به وليس له قيمة ....