13 تشريع الصيام في الديانات السماوية والإسلام

أضيف بتاريخ 03/14/2024
|

تشريع الصيام في الديانات السماوية والإسلام

كتابة الاخت الفاضلة انتصار الرشيد

هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2113

قال تعالى في محكم كتابه ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
الصيام والصوم لهما نفس المعنى خلاف من قال إن المعنيين مختلفان حتى في المعاجم اللغوية تعتبر المعنى واحد وهو الامتناع عن الإمساك عن السكوت في عدد من المعاني تنتهي بهذا المعنى بالإضافة إلى استخدام الأحاديث الشريفة تستخدم الصيام مرة والصوم مرة أخرى مثلا في الحديث القدسي الصوم لي وأنا أجزي به وفي قوله تعالى ( كتب عليكم الصيام ) وفي أحاديث الرسول صل الله عليه وآله و روايات أهل البيت عليهم السلام فهي فوق العد والإحصاء
أصل المعنى ينتهي إلى أن الصوم كف النفس عن شيء أو أشياء متعددة وهو أسلوب تربوي أخلاقي ورد في التشريعات السماوية والغير سماوية مثلا البوذية والهندوسية ليس دين سماوي ومع ذلك تستعمل الصوم باعتباره أحد الأساليب التربوية التي تقوي النفس مقابل البدن كإن هناك معادلة متعاكسة بين البدن والروح فإذا صار هناك اهتمام زائد بالبدن من أكل وشرب وشهوة وتلبية كل متطلباتها فإن الطرف الآخر يتراجع جانب النفس والروح والقوى الداخلية ، بعض الروايات تشير إلى ذلك ( إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة )،عندما يحرم البدن حرمان إرادي عندما لا يعطي الإنسان بدنه رغبته ترتقي روحه ونفسه وتصعد أخلاقه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام
وإنك مهما تعط بطنك سؤله ... وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
عندما تعطي قواك الشهوية وتلبي رغباتها تنتهي إلى أن تنال الذنب تكون عبد مطيعا لشهواتك هناك توجيهات في الروايات يجب أن يمنع الإنسان نفسه من المباح حتى لا يقع في الحرام إذا كان عندك قدرة أن تمتنع عن ماهو مباح لك عند ذلك لا تطمع في الحرام هذا جواهر وحكمة من حكم الصيام
الديانات السماوية من مقاصده يجعل الإنسان ذا إرادة مسيطرة على قواها الشخصية وهو المسيطر وليس مسيطر عليه وإن الغرض من خلق الإنسان هو غاية واحدة ليعبدون وهذه الغاية تتطلب برامج معينة مثل الصلاة والصوم والزكاة في جميع الديانات السماوية فهي تهذب الإنسان وتطوعه على ذلك
كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم ، أي أن الصوم موجود في جميع الديانات ويختلف في تفاصيله من ديانة لأخرى ويختلف حتى في الديانة الواحدة عدد المفطرات عند الإمامية تختلف عن عدد المفطرات عند مدرسة الخلفاء
صوم الأنبياء والرسل
يتحدث المؤرخون أن نبي الله آدم كان يصوم ونوح وعيسى وموسى وداود ودانيال وسليمان كانوا يصومون وصيام الأنبياء يتجاوز الصيام الواجب فصوم النبي محمد صل الله عليه وآله يتجاوز صومنا فقط نحن شهر رمضان والنبي الأعظم كان يتجاوز صيامه الكثير من أيام البعثة وليس من السنة الثانية للهجرة ، هناك رواية معتبرة السند "كان رسول الله صل الله عليه وآله أول ما بُعث يصوم حتى يقال لا يفطر"
فيما نذكره من صوم جماعة من الأنبياء وأبناء الأنبياء صلوات الله جل جلاله عليهم.
رويناه باسنادنا إلى ابن فضال من كتاب الصيام قال: حدثنا محمد بن أبي عبيد، قال: حدثنا جبارة قال: حدثنا فرج بن فضالة قال: حدثنا أبو وهيب، عن أبي صدقة الدمشقي، عن ابن عباس قال: أتاه رجل يسأله عن الصيام، فقال: عن أي الصيام تسألني؟ ان كنت تريد صوم داود عليه السلام - أبي سليمان - فإنه كان من أعبد الناس وأشجع الناس، وكان لا يفر إذا لاقى، وكان يقرأ الزبور بسبعين صوتا يلون، وكان إذا أراد أن يبكي على نفسه لم تبق دابة في بر ولا بحر الا استمعن لصوته، ويبكي على نفسه، وكانت له سجدة من آخر النهار يدعو فيها ويتضرع، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ان أفضل الصيام صيام أخي داود عليه السلام وكان يصوم يوما ويفطر يوما ".
وان كانت تريد صيام ابنه سليمان، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة، ومن وسطه ثلاثة، ومن اخره ثلاثة.
وان كنت تريد صوم ابن العذراء البتول عيسى من مريم، فإنه كان يصوم الدهر كله لا يفطر منه شيئا، وكان يلبس الشعر، ويأكل الشعير، ولم يكن له بيت يخرب، ولا ولد يموت، وكان راميا لا يخطئ صيدا يريده، وحيثما غابت الشمس صف قدميه، فلم يزل يصلي حتى يراها. وكان يمر بمجالس بني إسرائيل، فمن كانت له حاجة قضاها، وكان لا يقوم مقاما الا وصلى فيه ركعتين، وكان ذلك من شأنه حتى رفعه الله عز وجل.
وان كنت تريد صوم أمه عليها السلام فإنها كانت تصوم يومين وتفطر يوما.
وان كنت تريد صيام خير البشر، العربي القرشي، أبي القاسم صلى الله عليه وآله، فإنه كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، ويقول: " هي صيام الدهر "
فيما نذكره من صيام أول خميس في العشر الأول من كل شهر، وأول أربعاء في العشر الثاني منه، وآخر خميس من العشر الأخير منه.
رويناه باسنادنا إلى محمد بن يعقوب الكليني، وابن بابويه، والى ابن فضال، وغيرهم، عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: " صام رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قيل: ما يفطر، ثم أفطر حتى قيل: ما يصوم، ثم صام صوم داود عليه السلام يوما فيوما لا، ثم قبض على صوم ثلاثة أيام في الشهر، وقال: يعدلن الدهر، ويذهبن بوحر الصدر ".
قال: وزعم حماد أن الوحر: الوسوسة.
قال حماد: وأي الأيام هي؟
قال: فقال: " أول خميس في الشهر، وأول أربعاء بعد العشر منه، وآخر خميس فيه ".
قال: فقلت له: كيف صارت هذه الأيام هي التي تصام؟
فقال: " ان من قبلنا من الأمم كان إذا نزل على أحد منهم العذاب نزل في هذه الأيام، فصام رسول الله صلى الله عليه وآله الأيام المخوفة "
ومن ذلك ما رويناه باسناد إلى أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصيام في الشهر كيف هو؟
فقال: " ثلاث في الشهر، في كل عشرة يوم، ان الله عز وجل يقول [من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها] (1) ثلاثة أيام في الشهر صوم الدهر "