4 أهداف العبادات ومقاصدها

أضيف بتاريخ 03/14/2024
|

أهداف العبادات ومقاصدها

تفريغ نصي الفاضلة غدير الغزيوي

تصحيح الفاضلة افراح البراهيم

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2104

هذا البرنامج العبادي له أهداف وغايات وأغراض، فالكون خلق لهدف ، وكذلك خلق الخلق ، ونحتاج لمعرفة الهدف وهو العبادة التي تنقسم إلى جبرية قسرية واختيارية طوعية، والعبادة توقيفية كما ذكرنا وليست اقتراحات بل برنامج محدد كما ذكرنا له أغراض وغايات ولذلك شرعت في الدين الإسلامي وسائر الأديان ، وهناك اهداف كلية للعبادات وأخرى تفصيلية.
وعلى الإنسان أن يعبد ربه حتى لو لم يعرف غاية العبادة وحتى لو اعتقد أنّه لا غاية فيها، فلنفترض أنّ الصلاة لا فائدة منها،( وإن كانت لها كل الفوائد) فيجب على الإنسان أن يصلي ويطيع ربه بغض النظر عن الفوائد المترتبة على عبادته،
فالإنسان مخلوق لله ومملوك له ومنعم عليه من قبله، ولولا نعمة الله لكان شيئًا غير مذكور، وربما كان من جملة ذاك السائل المنوي التالف نسيًا منسيًا لا يُذكر، وربما قد يكون جزءًا من دم الدورة الشهرية الذي لم يلتق بالحويمن فأصبح بويضة تالفة، فالله سبحانه قد أنعم عليّ وعليك وعلى كل الوجود بأن خلقهم ولم يكونوا شيئًا مذكورًا، كان من الممكن أن نكون أعدامًا وأمواتًا لكنه تعالى خلقنا وكان ذلك الخلق هو بداية النعم، ففي دعاء الإمام الحسين يوم عرفة يعدّد الإمام نعم الله على الإنسان منذ بداية الخلقة إلى أن أنعم الله عليه بالهداية إلى طريقه ( كفلتني الأمهات الرواحم ... وألبستني الرياش وسلكت بي طرق المعاش) ١٤
فالإنسان الذ ي خلق بهذه الطريقة ولم يك شيئا مذكورًا وكان من الممكن ألا يكون هو عبد لله ، فالله عندما يأمره بالصلاة ليس له حق أن يسأل إن كانت الصلاة ذات فائدة أم لا، فهو مأمور بمقتضى المالك والمملوك، وعليه أن يستجيب لله حتى لو تصوّر عدم الفائدة، إلا إذا خرج من سلطان الله ونعمته ولم يتنفس من الهواء الذي خلقه الله ولم يشرب من الماء الذي أنزله الله ولم يستمتع بالشمس التي خلقها الله، فالقاعدة الاصلية هي أنه ولو كانت العبادة بلافائدة فيجب على الإنسان الإطاعة لأنّ هذا مقتضى قانون العبودية والربوبية، فالله خلقك ورباك وأنت عبد داخر لايملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا، فيجب عليك عبادة ربك ، وفوائد العبادات لا حصر لها، فالله سبحانه يعرفك ويعرف ما توسوس به نفسك وهو أقرب إليك من حبل الوريد ولذلك وضع لك برنامجًا خاصًا لك يصعد بك إلى اعلى المدارج.

١ - الغايات الكلية

أولا / هذه العبادات تحقّق الغرض من خلق الإنسان، ففي الآية نفى واستثنى ليدل على الغرض الوحيد من خلق الإنسان ألا وهو العبادة، فإذا حقّقه فهذا يعني أنّه حقّق غرض وجوده.
*مدير شركة أعطيته مبلغًا طائلًا وقلت له: أريدك أن تحقّق غرضًا واحدًا وهو تحريك ميزانية الشركة من مليون إلى خمسة ملايين خلال خمس سنوات، إذا نجحت في هذا فأنت مدير ناجح وستستمر، وإذا لم تنجح فأنت خاسر وستطرد ، بعد خمس سنوات إذا أعطاك الميزانية كما طلبتها فهو حقّق غرض وجوده لأنه مدير ناجح.
وإذا حقّق النصف فهو نصف فاشل، وإذا لم يحقّق شيئًا فستطرده، وكذلك الإنسان إذا حقّق غرض وجوده في الحياة وهو العبادة فكأنما عمل ما أراده الله.
ثانياً / إنّ العبادات تحقّق العزة للإنسان بعبادة الله بينما غيره ذليل بعبادة الآلهة المتعددة، وهذا الإنسان يجد ضغطًا من شهواته وأهوائه إلى درجة أنّه يصبح عبدًا للهوى، فبعض الناس يتمثل فيهم قوله تعالى ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه) ١٥ فيقتل من أجل شهوته الجنسية، ويعمل ليل نهار ليشبع بطنه حرامًا، ويعتدي على الآخرين ويمزّق العوائل والصداقات ، وقد يقطع رحمه من أجل شهوة بطن أوشهوة فرج وسمعة مدح، فهذا الإنسان يقوده هواه وشهواته في الحياة، وهو متعدد الآلهة، بينما الذي يعبد الله يعتزّ بعبادة الله فترى حياته مستقيمة على منهاج الله. فيصبح كبيرًا وعزيزًا ، كما قال الإمام علي عليه السلام ( إلهي كفاني عزًا أن أكون لك عبدًا) ١٦ لأنّ غيري عبد لشهواته وسلطانه وطعامه، وأحيانًا تنتهي هذه العبادات بالإنسان إلى الموت، فكم شخصّ مات في سبيل شهوته أو لأجل مال، ونحن بحمد الله نسير على خطى أمير المؤمنين بعبادة الله، ولا نفتقر الا اليه( اللهم اغنني بالافتقار اليك ولا تفقرني بالاستغناء عنك)١٧ فكلما احتجت لله وخضعت وتذلّلت له فأنت عزيز وغني وقوي، بينما ذاك المستغني عن الله فهو ذاهب إلى عباد الله كسلطان جائر أو جاهل يزيده جهلًا، فيطلب من جاهل أجهل منه أن يعطيه مطلوبه كمشعوذ يدعي إعطاءه طفل حرم منه أو محبة زوج ، فهذه الأمور كلها جهل وظلال ، فالإنسان يقول في الصلاة: بحول الله وقوته أقوم وأقعد، فليس لي حول ولا قوة إلا بالله، فعند التوجه لله نستغني عن جميع الآلهة والضغوط والمؤثرات، وهذا الغرض الثاني من العبادة، بأن تكون في الله ومن الله وإلى الله عز وجل.

ثالثًا/ السمو الروحي، فالإنسان روح عطشى للقاء ربها، ونفس تواقة للاطمئنان الذي تجده عند ذكر الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)١٨
فالروح ترتاح عند خالقها (قل الروح من أمر ربي) ١٩
وهذه الروح عندما تلتقي بالله بالاستغفار والتوجه تتخلص من الجسد وحاجاته، فيرتاح الجسد وما أعظم لذة راحة الروح مقابل راحة الجسد.
فهذه الأمور تحقّقها العبادات، تحقّق غرض الإنسان في أن تتجلى فيه العبادة لله (إلا ليعبدون)
والعبادة لله تبعد العبادة لغيره وطاعة العبادات المتعددة والشهوات ، فتكون العبادة لصالح الإله الواحد وتسمو بروح الإنسان إلى حيث خلقها الله.