6 الطهارة والاغسال في الأديان السماوية

أضيف بتاريخ 03/21/2024
|

الطهارةُ والأغسالُ في الأديان السماوية
تفريغ نصي الفاضلة فاطمة أم هادي / نيوزلندا
تصحيح الفاضل سعيد ارهين

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2106

قال الله العظيم في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". آمنا بالله صدق الله العلي العظيم

تتحدّث الآية الكريمة في قضية الطهارة وأنماطها المتعدّدة من الوضوء والغسل بالماء ( وهو الأصل في الطهارة ) أو التيمّم بالتراب ( في الحالات الاستثنائية ) .
ـــــــــــــــــ
الطهارةُ في اللغة :التنظيف وإزالة القذر .
الطهارةُ في الاصطلاح : قد تعني أحد المعاني الثلاثة التالية(كما ورد في الكتاب الفقهي الاستدلالي : ما وراء الفقه ، للسيد محمد محمد صادق الصدر ).
الأول : إزالة الأدناس المادية من البدن أو من الثياب . والحاكم في أمر الدنس هذا هو الإنسان نفسه ، دون الحاجة إلى جعلٍ شرعي ؛ فقد يعتبر الواحد منّا أنّ بقعةَ دهنٍ أو أثرَ طينٍ دنسًا يتطلّب إزالةً من الثياب أو البدن ؛ فيعمد إلى إزالة ذلك الدنس بالماء أو بالمطهِّرات الحديثة .

الثاني :إزالة الدنس الحكمي
وتعيين هذا الدنس منوطٌ بالشرع المقدّس .
فالحدث الأصغر ( بول ، غائط ، ريح ، نوم ) قرّر الشرع نقضه للطهارة ؛ بحيث يلزم المُحدث قبل الشروع في الصلاة رفعُ الحدث بالوضوء في الأصل أو بالتيمم في حالاتِ إجْزاء التيمم عن الوضوء .
وكذلك الحدث الأكبر ( المقاربة الجنسية الكاملة أو الإنزال دون مقاربة كاملة ) يقرّر الشرع لزوم رفع هذا الحدث بالاغتسال بالماء في الأصل أو التيمم استثناءً .

الثالث إزالة الرذائل والدنس الداخلي ؛ دنسِ القلوب ودنسِ الضمائر ودنس الروح كالأحقاد ، والقسوة أو الميل للانتقام والحسد . كل هذه أدناسٌ داخلية وقلبية .
والحاكم في تطهير القلب والنفس من هذه الأدناس المعنوية هو العقل الذي يحكم بوجوب التخلّص من الأحقاد والحسد والظلم وما شابه من أمراض القلوب .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حديثنا يدور حول الطهارة التي في معناها الاصطلاحي إزالةُ الدنسِ الحكمي المتولّد من الحدث الأصغر أو الأكبر .
وفي البدء نقول إنّ الطهارة ( الاغتسال بالماء ) موجودةٌ في الديانات السماوية جميعها على النحو التالي :


الطهارةُ في الإسلام :

الآية الكريمة في صدر الكلام تشير إلى الوضوء في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) .
فدلّتْ على أنّ الوضوء عبارة عن غسلتين بالماء ( للوجه واحدةٌ ، ولليدين واحدةٌ أخرى ) و مسحتين ( للرأس واحدةٌ وللرجلين واحدةٌ أخرى ) .
وفي قوله تعالى :( وإنْ كنتم جُنُبًا فاطّهّروا )
إشارةٌ إلى غُسل الجنابة الذي يجب بعد المقاربة الجنسية الكاملة ( سواء حدث إنزالٌ أو لم يحدث )أو بعد الإنزال - وإنْ لم يكن ناتجًا عن ممارسةٍ جنسيةٍ تامة - أو بعد الإنزال نتيجةَ الاستمناء( المُحرّم) أو الاحتلام حال النوم .
والأصل في إحراز الطهارة أنْ يُتوصّل إليها بالماء في المرتبة الأولى . أمّا التيمّم بالتراب فيسدُّ مكانَ الوضوءِ والاغتسال بالماء في حالاتٍ استثنائية ؛ كتعذّر وجودِ الماء أو ترتّب الضرر على استخدامه مثلاً ، أو لاعتباراتٍ أخرى مبسوطةٍ في الكتب الفقهية والرسائل العملية ، كضيق الوقت في حالة الاغتسال بالماء وبالتالي مزاحمة شروق الشمس وفوات وقت أداء صلاة الفجر ، أو مزاحمة دخول وقت الفجر على المُجنب في شهر رمضان ( إذ إنّ تعمّد البقاء على الجنابة حتى دخول الفجر من مفطّرات الصوم حسب الفقه الجعفري ) .

ويشير القران الكريم إلى بعض الحالات التي يسوغ فيها الجنوح إلى التطهّر بالتراب في قوله تعالى :
(وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ )


الطهارة في الشريعة اليهودية :
( نركّز على اليهودية لأنها ذات تشريعات مفصّلة ، بينما المسيحية جاءت لكي تعمل بما سبق وتضيف بعض الأشياء لا أنها ناسخة لليهودية وملغية لأحكامها) .
الأغسال عند اليهود :
- غسل الجنابة بعد المقاربة الجنسية .
- غسل الميت بأغسال ثلاثة ، أحدها تنظيف ويستخدم فيه الأشنان والسدر والآخر تعطير ويستخدم فيه زهر الآس وهو نباتٌ عطري .
- غسل مسّ الميت
- غسل الحيض ( بعد طهر المرأة من الحيض ) ، ومن أحكام الحيض عند اليهود :

1) المرأة الحائض – عند اليهود - تعتبر نجسةً وتنجّس الأشياء ؛ حتى الفراش الذي تنام عليه.

( ولعلّ بعض المسلمين حين عرضوا للّفظ في الآية الكريمة "إذا لامستم النساء" تأثروا بفهم بعضِ اليهود بأنّ لمس المرأة يستجلب النجاسة ، ويوجب الوضوء ؛ مع أن اليهود يقولون هذا في وقت الحيض فقط ؛ بينما بعض علماء الظاهرية يقولون بنجاسة المرأة على الدوام ؛ لذا مَن يتوضأ منهم ثم يلامس جسدَ زوجته بالمصافحة ونحوها فإنّ وضوءه يبطُل ! ، وبعضُ الظاهرية خصّصوا نقض الوضوء لسبب ملامسة جسد الحائض في حالة (الملامسة الشهوية ) ....