3 الأئمة والمجتهدون هل هم مشرعون ؟

أضيف بتاريخ 03/14/2024
|

هل الأئمة والفقهاء مشرعون في الدين أم لا ؟

تفريغ نصي الفاضلة أم فاطمة
تصحیح الفاضلة أفراح البراهيم

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://www.al-saif.net/?act=av&action=view&id=2199

بالنسبة للمعصومين عليهم السلام هناك قولان وتوجهان:

القول الأول
ما ثبت للنبي المصطفى محمد صلى الله عليه وآله من أمور فهو ثابت للأئمة المعصومين إلا ما استُثني، فعليٌ عليه السلام هو نفس رسول الله ، وكذلك المعصومين أيضًا كالنبي ،ورواياتهم في هذا كثيرة ( ما ثبت لرسول الله ثبت لنا) إلا بعض الأمور المُستثنيات مثل النبوة قال تعالى : (إلا أنّه لا نبي بعدي )5 مثل نزول الوحي بنحو الذي كان ينزل على رسول الله فهذا خاص برسول الله ، فهناك مجموعة من الأمور هي خصائص لرسول الله صلى الله عليه وآله وهذه لا يشترك فيها معه غيره حتى الأئمة عليهم السلام، ما عدا هذه الأمور ما ثبت لرسول الله يثبت للمعصومين مثل :
1/ إمامة الخلق فهي ثابتة لهم كما ثبتت له.
2/ العصمة ثابتة لهم كما ثبتت لرسول الله .
3/ وجوب طاعة الناس لهم ثابتة لهم كما ثبت ذلك لرسول الله .
4/ حُجية أقوالهم ولزوم العمل بأقوالهم ثابتةٌ على الناس كما هي ثابتةٌ لرسول الله.
5/الولاية ثابتةٌ لهم كما هي ثابتةٌ لرسول الله .
أصحاب هذا الرأي يقولون بما أنّه ثبت لرسول الله حق التشريع فإذن يثبت للمعصومين نفس هذا الحق ، وربما أيضًا يستفيد هؤلاء من بعض ما ورد في الروايات التي تفيد التفويض إليهم كالرواية الواردة عن الإمام الباقر عليه السلام قال : ( ثم إنّ النبي فوّض إلى عليٍ وائتمنه) هناك تفويض في الرواية لكنها لم توضّح هل هو تفويض في أمر التشريع أو في أمور أخرى ؟، لكنّ أصحاب هذا الرأي يقولون: بما أنّ النبي قد فوّض إلى عليٌ فإذن حتى التشريع يكون من حقه .
ماهو التفويض؟
التفويض هو الإيمان بإنّ الله قد فوّض إلى النبي أو فوّض إلى المعصومين ، وفيه بحث مفصل وفيه كلام كثير ذكره العلامة المجلسي رحمة الله عليه في البحار وقال : إنّ التفويض يُتَصور على تسعة وجوه ، بعض هذه الوجوه كفر مثلًا: قد يعتقد شخص أنّ الله سبحانه وتعالى بعد أن خلق الخلق فوّض كل شيء إلى النبي والأئمة وتركهم ، هذا القول يعتبر من الكفر الذي هو خلاف توحيد الله عز وجل ، ونحن الشيعة الإمامية لا نعتقد أنّ الله سبحانه وتعالى فوّض الخلق بهذا النحو إلى أي أحدٍ، لأنّ الله هو الخالق الحي القيوم المتصرّف الأمر الناهي ،وهناك أنحاء أخرى من التفويض مقبولة كما ذكرنا في محاضرة سابقة بالنسبة لرسول الله وهي أن يفوّض إليه أمر التشريع المحدود وبين هذه المراحل تتعدّد – تحتاج لحديث مفصل خاص- ، إذن أصحاب هذا الرأي يقولون كلّ ما ثبت لرسول الله ثبت للمعصومين وما ثبت للنبي من حق التشريع فهو إذن ثابت للمعصومين عليهم السلام.

القول الثاني
يذهب إليه كثير من مراجع الدين المعاصرين ويذكرونه في أبحاثهم العالية حيث يقولون : أنّ الأئمة عليهم السلام منزلتهم عظيمة جدًا وولايتهم على الخلق ثابتةٌ ، ومشابهتهم لرسول صلى الله عليه وآله مؤكدةٌ كما ذكرنا في العصمةِ والإمامةِ وحجية أقوالهم ولزوم إتباعهم وغير ذلك من الأمور لكن لم يثبت أنّهم شرعوا كرسول الله حكمًا من الأحكام، ومادام لم يثبت لهم فلو كان ثبت لهم لعرفناه كما ثبت لنا أنّ النبي فعل في الصلاة كذا وفعل في الزكاة كذا ، وفعل في الخمر كذا وفعل في الصوم كذا، فكما جاءت روايات معتبرة على أنّ النبي صلى الله عليه وآله مارس حقيقةً التشريع المحدود والتفصيلي فثبت لنا هذا الأمر بالنسبة للمعصومين عليهم السلام أنهّم لم يشرّعوا ، حيث لم نجد رواية تقول أنّ الإمام الفلاني قد أضاف هذه العبادة أو أضاف فيها شيئَا ، أو أنّه مثًلا منع هذا الأمر وكان مباحًا أو أباح ذلك الأمر وكان ممنوعًا ، لم نجد ما يثبت هذا الأمر ، ولكنّ الأئمة عليهم السلام ما رسوا الأحكام الولائية وهي مختلفة عن الأحكام الشرعية العامة الدائمة كما ورد عن رسول الله (حلال محمد حلال أبدًا إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام أبدًا إلى يوم القيامة )6، فعلى سبيل المثال يبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله عن ربه سواء في الكتاب أو السنة كما قال الخمر محرمةٌ لعن الله شاربها و عاصرها ساقيها وحاملها وبائعها وشاريها والمحمولة إليه كل هؤلاء الطوائف المرتبطة بهذا الأمر هي ملعونة وثمنها سُحت وأيّ حلقةٍ من حلقات إنجاز قضية الخمر ملعون صاحبها – هذا حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وليس مرتبط بزمن معين ولا مرتبط بأشخاص معينين.، هذا من الأحكام الشرعية الدائمة.
وهناك بعض الأحكام تسمى أحكام ولائية لأننا قلنا إنّ مناصب النبي متعدّدة منصب التبليغ ومنصب الولاية على الناس فقد يُقرر حكمًا ولائيًا يمنع شيئًا أو يبيح شيئًا لفترة معينة، كما ذكرنا في السنوات الماضية أنّ النبي صلى الله عليه وآله حرّم لحوم الحُمر الأهلية ، وقد يقول أحد الأشخاص أنّ هذا الحمار حرم النبي لحمه ومنع من ذبحه إذا نظرنا لذلك نقول مادام أنّ النبي حرمه معنى ذلك أنّه محرم إلى يوم القيامة وهو من تشريعات النبي لأنه لم يذكر في القرآن ، ولكن يأتي الإمام الصادق عليه السلام فيفسّر لنا ما الذي صنعه رسول الله ويقول لنا أنّ هذا الحكم ليس حكم دائم للزمان والمكان ، وليس إلى يوم القيامة وإنّما هذا الحكم هو حكمٌ ولائيٌ ، وكان خاصًا بظرف خاصٍ ، وهو أنّه عندما فُتحت خيبر وانتصر النبي على اليهود ، كانت خيبر تبعد حوالي 120 -130 كيلومتر عن المدينة وحينما انتصر المسلمون أخذوا غنائم كثيرة وكانوا يحملون هذه الغنائم على الحمار فنهى النبي عن أن تذبح هذه الحيوانات ، لأنهّا كما يقول الإمام الصادق عليه السلام : لأنّه كان حمولة الناس، إذًا هذا النهي خاص بغزوة خيبر لأجل هذا الغرض ، وبعد انتهاء غزوة خيبر لسنا بحاجة إلى الالتزام بهذا الحكم نظرًا لأنّ هذا الحكم خاص بذلك الزمان، إذن هذا الحكم يسمى حُكم ولائي وليس حُكم شرعي كُلي عام عابر للزمان والمكان والأشخاصى ....