سيرة الزهراء عليها السلام المفصلة 5

أضيف بتاريخ 12/20/2021
Admin Post


 كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين 

ورد في الرواية عن الامام الصادق عليه السلام عن آبائه عن رسول الله صل الله عليه واله انه قال (ان الله خلق نور فاطمة قبل ان يخلق السماوات والأرض فقال بعض من حضر لرسول الله صل الله عليه واله أو ليست انسية؟ فقال فاطمة حوراء انسية)  

هذه من الروايات التي تصنف في مقامات الزهراء عليها السلام هناك من الروايات ما يشير فيها الى عظمة السيدة فاطمة الزهراء مثل هذه الرواية ومثل رواية ان فاطمة كانت حقة في ساق العرش قبل ان يخلق الله الخلق وغيرها من الروايات. 

هناك مجموعة من المسلمين يمتنع عن قبول روايات تتحدث عن مقامات ومكانة اهل البيت عليهم السلام فيرفضون مثل هذه الروايات كخلق فاطمة قبل خلق السماوات والأرض لهذا استفسر هذا السائل الذي لم يذكر اسمه في الرواية أليست أنيسة فيجيب الرسول ان فيها جانب نوراني مرتبط بالله وبالجنة وعالم الغيب ،وفيها الجانب البشري حيث لا يمكن وجودها على الأرض وبين البشر الا بعد زواج رسول الله بخديجة عليهما السلام فتأتي بصورة البشر اما وجودها النوراني فقد سبق هذه المرحلة بمراحل كثيرة ،فاذا اردنا تقريب هذا المعنى ان كل انسان له عوالم كثيرة ومراحل يمر بها الى ان يصل الى الجنة ومن احد هذه العوالم عالم الذرة، جميع الخلق وجدوا في عالم اخر وهو عالم الذر الذي لا نعلم متى حدث والآيات القرآنية والروايات تدل على وجود هذا العالم الذي اخذ الله ميثاقه من البشر وإيمانهم بانه خالقهم ،ومن ثم يأتي عالم الإصلاب والارحام ومن ثم عالم الدنيا وبعدها عالم البرزخ ومن بعده عالم الحساب والعقاب ويوم القيامة  وبعدها يذهب الى مثواه الأخير جنة او نار، هذه المراحل الوجودية لكل انسان فكيف بالذات المقدسة كفاطمة الزهراء .

قول رسول الله كنت نبيا وآدم بين الماء والطين  فما يعنيه هذا القول ؟يعني قبل ان يخلق ويصور ادم قبل ان يأخذ صورته البشرية كان في عالم التقدير ،ان النبي صلى الله عليه واله وسلم في ذلك الوقت كان النبي مصطفى ومنتخب من قبل الله وله وجود نوراني  من نور الله ،يخبرنا عنه المعصومون وهذا له قبول لدى البعض الذين يؤمنون بالروحانيات والغيبيات ولكن البعض حينما يسمع مثل هذه الروايات التي تتحدث حول مقام رسول الله او مقامات ألائمة الاطهار يقول لا يمكن ان اصدقها ولهذا يدعي انها روايات غير صحيحة فما هي الاسباب التي تحدث لرفض هذه الروايات عند البعض من المذاهب الأخرى او من بعض الشيعة؟ اول تلك الأسباب  هو الاختلاف في المدرسة الفكرية والمرجعية فهذا الاختلاف يدعوا من لا يتبعون هذه المدرسة برفض الفكرة التي تعارض تفكيره ومعتقداته ومرجعياته الدينية فحينما نقول لغير المسلم يهوديا او مسيحيا ان رسول الله واله الاطهار مقدمين على جميع الأنبياء والمراسلين سيرفض هذه الفكرة فهي تناقض معتقده الذي لا يؤمن برسالة النبي محمد فكيف يكون افضل من النبي عيسى او موسى عليهم السلام جميعا ،وهذا الحال مع من لا يعتقد بقدسية فاطمة من المسلمين حينما تحدثه بالروايات التي ترفع من مقام فاطمة وبانها تخلقت من طعام من الجنة ورائحتها من رائحة الجنة يشمها رسول الله كلما اشتاق للجنة يرفض القبول والتسليم بها فهي تعارض مرجعياته الفكرية فرواية ان فاطمة ولدت بعد البعثة بخمس سنوات يعتقد بها من يعتنق المذهب الجعفري ولهذا يأخذون بالرواية التي تقول بان فاطمة خلقت نطفتها من طعام من الجنة بينما من يعتقد بولادة فاطمة الزهراء بخمس سنوات قبل البعثة لا يأخذ بهذه الرواية ففي ذلك الوقت لم ينزل الوحي على رسول الله فكيف يصله طعام من الجنة وهو لم يكن نبيا فكان انسان عادي لا اتصال له مع جبرائيل ولا يصله شيء من الجنة .

فالذهبي والعسقلاني اللذان يعتبران من أعمدة مدرسة الخلفاء  لا يقبلون برواية ان رائحة فاطمة كرائحة الجنة لان مرجعيتهم الفكرية  مثل البخاري ومسلم اللذان لا يأخذان بهذه الروايات التي تتناقض مع رواياتهم الاخرة حول تاريخ ولادة فاطمة الزهراء كما الحال مع الروايات التي تنقل عن فاطمة وتبين فيها غضبها على الخلفاء الذين انتهكوا حقها بالرغم من روايات التي تروى عن رسول الله التي يبين فيها ان رضا فاطمة وغضبها من رضا الله ورسوله وغضبها فلا ينقلون الروايات التي تحكي عن حال فاطمة الزهراء ومواقفها من الخلفاء وغضبها عليهم فهذا يتناقض مع احقيتهم للخلافة  وشرعية تزعمهم لأمور المسلمين وتقدمهم على الامام علي عليه السلام .

أحيانا تأتي بعض الروايات التي يستدل بها الأمامية من كتب خصومهم كالبخاري ومسلم فيعترض المخالفين لهم ويقولون ان اتباع المذهب الامامي ضعفاء ولا يملكون الأدلة الكافية لإثبات أفكارهم ولهذا يأخذون من كتب مخالفيهم ،هؤلاء لا يفهمون أصول النقاش الصحيح فمن يستدل من كتب مخالفيه على اثبات أفكاره  يدل على صحة أفكاره وقوتها حيث حتى المخالف له يؤيدها بالروايات والاحاديث من مصادره فتكون حجة عليهم ،فقول رسول الله كلما اشتقت الى رائحة الجنة شممت فاطمة موجود في كتاب الطبراني وفي سنن الترمذي التي تعتبر من الكتب المعتبرة للمخالفين لمدرسة اهل البيت .

وهذه الحالة عدم الإيمان ببعض الأفكار التي تدعوا لرفع مقام اهل البيت عن سائر البشر هذا الرفض موجود حتى عند بعض من يعتنق المذهب الجعفري والسبب ان مقدرة الإنسان العقلية لا تستطيع استيعاب هذه المقامات ولهذا يرفضه، بينما من يؤمن بجميع الغيبيات ويعتقد بان النبي لا ينطق عن الهوى سواء قوله وما ينقل عنه من احاديث وروايات كانت مما يستوعبه العقل ام لا يستوعبها هو يؤمن بتلك الروايات وما فيها من مقامات سامية لا يمكن لأي انسان عادي ان يصل لها فهو يعتقد بإمكانية حدوث ذلك لأهل البيت لانهم يختلفون عن سائر البشر ولهم مقام مختلفة عند الله ..

سبب اخر يجعل قسم من الناس لا يتقبلون الروايات التي تتحدث عن المقامات والمنازل العظيمة للذوات المقدسة هي محدودية فهم الإنسان لعالم الغيب فهو عالم غريب عجيب لا يدرك الإنسان أوله واخره ولهذا تميز الإنسان الذي يؤمن بالتغيب وكل متعلقاته اذا جاء بطريق صحيح ومعتبر بانه اقوى ايمانا مقربا من الله ورسوله.

كما ان هناك اختلاط حدث بين الصحيح من المناقب والسقيم من المناقب هناك روايات منها صحيح وهناك روايات وضعها الغلات والوضاعون للروايات من كلا الجانبين المخالفون والموافقون لأهل البيت اما لمصالح دنيوية او لتشويه سيرة اهل البيت عليهم السلام او بسبب الغلو في حبهم ،فهناك من يأتي بخبر غير موثوق او يضع خبر كاذب فاختلطت الأخبار الصحيحة بالخاطئة وسببت الاشتباه في صحة بعض الروايات الصحيحة التي تحتوي على الأخبار بأمور غيبية وهذا دور رجال الحديث والرواية وعلماء المسلمين في التنقيب عن الصحيح والخطء من الروايات وتبيينها.

وسبب اخر لرفض هذه الروايات ان الإنسان يقيس الذوات القدسية بنفسه والإنسان العادي فلا يستطيع ان يتقبل عقله وجود بشر لهم مقام مختلف او لهم مقدرة تفوق قدرة البشر فمثلا قدرة الامام الجواد وعمره تسع سنوات على حل مسائل في مختلف العلوم الدنيوية والآخروية حينما تطرح عليه يجيب عليها بكل سهولة ويفصل فيها بينما الإنسان العادي ينبغي له الدراسة والتنقيب يستغرق سنوات طويل ليكون لديه المقدرة على حل تلك المسائل والإجابة عليها ، ومثل اخر ان الامام الرضا سلام الله عليه كان له مقدرة على التكلم بجميع لغات البشر في زمانه وحينما سئل عن ذلك أجاب انه يفهم حتى كلام الطير ولهذا ارادوا التأكد من ذلك فجاءوا بشخصيات مختلفة تتحدث بلغات مختلفة فتحدث بلغتهم جميعا بل كان افصح منهم، فمتى تمكن الامام الرضا من دراسة تلك اللغات وهي تحتاج الى سنوات طويلة، فهذا دليل على ان هذا العلم هيبة من الله ودليل على تميزه عن سائر البشر.

وحينما يقيس الإنسان العادي قدراته المحدودة وعدم امكان حدوث تلك الغيبيات له يستنكر ويرفض حدوثها للرسول واهل البيت عليهم السلام   .

ومع إيماننا ان فاطمة الزهراء واهل البيت لهم مقامات تميزهم عن سائر البشر لابد ان نتأكد من صحة الروايات التي ترد في رفع مقاماتهم عن سائر البشر فلا تكون من الروايات الموضوعة والمزيفة لحقيقتهم  فان كانت صحيحة نأخذ بها ونعتقد بما يرد فيها .

فحينما نعرف مقام فاطمة الزهراء والائمة الاطهار عند الله ونعتقد بهم حينها سنكون قريبين منهم ونطلب شفاعتهم لنا في الدنيا والآخرة.

وما حدث لفاطمة الزهراء عليها السلام من تعدي عليها وسلب حقها هو راجع لجهل من قام بذلك بحقها ومقامها عند الله.

وقول الشاعر في وصفه لفاطمة الزهراء 

أي الرزايا اتقي بتجلدي     هي في النوائب مذ حييت قريني 

فقد ابي وغصب بعلي حقه   ام كسر ضلعي ام سقوط جنيني

ام غصب ارثي وفاضل نحلتي   ام جهلهم قدري وقد عرفوني

 

فالسلام على المهضومة حقها والمكسور ضلوعها المقتول ولدها.