كيف عاش الامام الحسن العسكري زمن العباسيين

أضيف بتاريخ 10/14/2021
Admin Post


كتابة الفاضلة سلمى بوخمسين 

لماذا سمي الامام الحسن بالعسكري؟

ان الامام الحسن العسكري عرف بهذا اللقب باعتبار انه سكن سامراء وكانت حينها تسمى بالعسكر وكانت غير عصرية ولكن في زمن متأخر من الخلفاء العباسيين أيام المعتصم العباسي الذي كانت امه جارية تركية استقدم الاتراك وشكل منهم جيشا لحمايته غير الجيش الإسلامي للدولة فكان هذا الجيش الخاص بالخليفة مجموعة من العسكر المرتزقة الاتراك ووظيفتهم اما حمايته من العباسيين الذين يوجد لديه نزاع معهم حول الخلافة او لرد أي هجوم خارجي على الخليفة ، وهؤلاء اصبح عددهم كبير فاصبحوا يسببون الأذى والازعاج للمدنيين من اهل بغداد فكانوا يتعدون على حقوق عامة الناس ويبطشون بهم ولا يوجد رادع لهم باعتبارهم الجيش الخاص للخليفة المعتصم ،

وضج الناس بالشكوة وأصبحت ذات طابع مشكلة اجتماعية فوصل الامر الى الخليفة المعتصم فقرر نقلهم الى منطقة أخرى بعيدة عن بغداد فاختار منطقة سامراء ولأنهم يمثلون الحرس الخاص له نقل معهم دار الخلافة والدوائر الرسمية وغيرها وانتقلت جميعها من بغداد الى سامراء فأصبحت هي العاصمة الرسمية والعسكرية ،والذي كان يسكن في تلك المنطقة يسمى بالعسكري لأنها مدينة العسكر ،وهذا سبب تسمية الامامين علي الهادي وابنه الحسن بالعسكريين ،ولكن الامام الحسن التصق به الاسم باعتبار ان اغلب عمره قضاه في تلك المنطقة فلقد انتقل اليها من المدينة وعمره سنتين فقط وبقية عمره 26 سنة قضاها في سامراء ،ولادته كانت في المدينة سنة 232 هجرية على المشهور واستشهد 260 فيكون عمره الشريف 28 سنة ولعله في السنة الثانية استدعي الامام الهادي ونقل من المدينة المنورة الى سامراء بالقوة الجبرية فلم يكن يرغب في ترك مدينة جده فهو لم يكن يستطيع مخالفة امر الخليفة بترحيله ، فحمل معه عياله واسرته ومن ضمنهم ابنه الامام الحسن العسكري كان حينها بعمر سنتين .

بقي الامام العسكري مع ابيه الامام الهادي الفترة الأطول من عمره فهو من الائمة الذين توفوا في عمر الشباب فلقد توفى سلام الله عليه ولم يتجاوز 28 سنة وامامته تعتبر من اقصر فترات الائمة وهي ست سنوات فقط وبالرغم من قصر عمره الا انه خلف كثير من الأمور العلمية وعاش فترة صعبة جدا لم يعشها البعض من اهل البيت فلقد تعرض للسجن والإقامة الجبرية والتهديد بالقتل ومنع الناس من الوصول اليه وتعرض للاستدعاء المتكرر ففي كل يوم اثنين وخميس كان لابد ان يحضر البلاط الحاكم ويجلس عند الخليفة فقط تلبية لرغبة الخليفة وكان ذلك الوضع نوع من الايذاء النفسي للأمام وتم عزل الامام  عليه السلام عن شيعته أولا لأنه ابقي في مدينة سامراء فهي منطقة لا يوجد فيها وجود سابق لشيعة اهل البيت فاصل تأسيسها عسكري مضاد لشيعة اهل البيت .

وأيضا حينما كان في سامراء فرضت عليه الاقامة الجبرية وعزله عن عامة الناس لكي لا يستطيع التأثير على الناس او ينقل لهم فكر وثقافة وعلم اهل البيت .

فبعض شيعة الامام وهم قلة في سامراء فهم انتقلوا من بغداد على اثر انتقال الامام اليها فهؤلاء حاولوا التواصل مع الامام فاستغلوا يوم الاثنين والخميس حينما يخرج الامام ليذهب لدار الخلافة فكانوا يستغلون ذلك الوقت لمقابلة الامام والاستفسار عن بعض القضايا العلمية ولكن الامام كان ينهاهم من محاولة الاقتراب به لان فيه خطر عليهم فمجرد السلام على الامام من قبل عامة الناس او شيعته يعتبر خطر عليهم وممنوع من قبل الخليفة العباسي وعسكره وقد يتعرضون للمسألة والاذى بسبب محاولتهم التقرب للإمام والتحدث معه.

ولذلك شكك بعض العلماء والمراجع منهم السيد الخوئي رحمة الله عليه في صحة كتاب تفسير الامام العسكري سلام الله عليه فالكتاب مطبوع وموجود الى وقتنا هذا باسم التفسير المنسوب الى العسكري، وهذا الكتاب ضخم في حدود 600 صفحة في بعض الطبعات.

فعلمائنا بالنسبة لهذا الكتاب على رائيين الأول رأي المدرسة الإخبارية  ومدرسة المحدثين ومن ينتمي اليها مثل الشيخ الصدوق رحمة الله عليه والطبرسي وأيضا ابن شهرا شوب والمحدث النوري صاحب المستدرك وصاحب الذريعة تلميذ صاحب المستدرك اغا بوزرك الطهراني الذي يخالفهم الرأي ويؤيد انتساب الكتاب للإمام عليه السلام ولكن في الجملة الرأي المتبنى من مراجع المتقدمين والمتأخرين يقولون ان هذا الكتاب لا يصح نسبته للإمام بسبب ان الذي رواه غير ثقة وأيضا ان في هذا الكتاب الكثير من الاحاديث فيها نسبة من الغلو الذي يخالف عقيدة الشيعة وسبب اخر يدعوا لعدم نسبت هذا الكتاب للإمام كما انهم يقولون متى نقل هذا عن الامام وهو محجوب عن الناس ولا يلتقي بخاصة الشيعة من حوله ففي زمن الامام كان من الصعب جدا تمكن احد من رؤيته فهو محاط بالعسكر حين خروجه او مجبر على البقاء في بيته بينما من يروي احاديث الامام يدعي انه يلتقي به كل يوم او يومين فيسمع منه الاحاديث على مدى سبع سنوات وهذا يخالف الواقع الذي كان يعيشه الامام فهو بين سجن وإقامة جبرية في منزله ممنوع من مقابلة الناس فخلص أصحابه لم يكونوا على صلة به بسبب احاطته بالعسكر فكانوا لا يتمكنون من مقابلته الا مرة او مرتين في الشهر وتحت رقابة عسكر الخليفة العباسي ،كما ان فترة امامته لم تتجاوز 6 سنوات فكيف يدعون ان ذلك الكتاب أستغرق املاء الامام لهم به سبع سنوات . 

الامام العسكري سجن في زمانيين في زمان حكومة المستعين وفي زمان المعتز وفي زمان المهتدي تم تهديده بالسجن فهذه الظروف لا تسمح بان يملي الامام كتاب كبير ليتم تدوينه ونقله عنه، فهذه الأوضاع الخاصة والصعبة التي عاشها الامام عليه السلام هي من جملة القرائن على ان هذا الكتاب المعروف بتفسير الامام العسكري يشكك بانه صادر عنه و ان هؤلاء الرواة استطاعوا تدوينه بنقله مباشرة من الامام سلام الله عليه.

نعم يوجد الكثير من الروايات التي تنقل عن الامام بالرغم من ظروفه  الصعبة ومنها زيارة الرسول كما تنقل عن الامام العسكري يقول ( اللهم صل على محمد وال محمد كما أدى الرسالة وبلغ الأمانة اللهم صل على محمد وال محمد كما هدمت به الاصنام وتبرت به الاوثان واعليت به راية الإسلام اللهم صل على محمد وال محمد كما اخلص في دينك ......) الى اخر الزيارة والصلوات على رسول الله والتي فيها تعليم الامام العسكري عليه السلام .

ذلك ان عنده أربعة عشر صلاة على محمد وال محمد يبدأها بهذه الصلاة ومن ثم صلاة خاصة لأمير المؤمنين ومن ثم صلاة خاصة على فاطمة الزهراء وبقية الائمة الاطهار الى ان يصل للصلاة الخاصة على نفسه والهدف لكي يعلم الانسان الشيعي كيف يصل على الائمة الاطهار وينهيها بالصلاة على الامام الحجة المنتظر سلام الله عليهم اجمعين.

ومثل اخر الدعاء المشهور الذي يقرأ في ليالي رمضان ( اللهم اني اسألك ان تجعل فيما تقضي وتقدر من الامر المحتوم في الامر الحكيم من القضاء الذي لا يرد ولا يبدل ....الى اخر الدعاء ) هذا الدعاء مروي عن الامام الحسن العسكري سلام الله عليه .الزيارة الخاصة بالإمام الحسين التي تقرأ ليوم مولد الامام الحسين يوم الثالث من شعبان مروية عن الامام العسكري يقول فيها ( اللهم اني اسألك بحق هذا المولود الموعود بشهادته ...الى اخر الزيارة ) وبعض الاحكام بلغت وبينت في زمان الامام الحسن العسكري وبالخصوص الاحكام التدريجية التي تصدر بسبب احداث تجري فيصدر فيها حكم من الامام المعصوم عليه السلام في وقت ذلك الحدث الذي لم تصدر فتوى من قبل امام معصوم كان قبله .

ووصايا الامام لشيعته كثيرة تنقل عنه تتناول القضايا الأخلاقية والسلوكية للإنسان المؤمن فيأمرهم بمدارات الاخرين وعدم استفزاز أحد وان لا يلفتوا انظار الناس اليهم وان يعيشوا بسلام بالرغم من الأوضاع السياسية والعقائدية المخالفة لهم وبالرغم من الوضع العسكري الذي كان يعيشه الامام وشيعته سلام الله عليه فمن وصاياه لشيعته بالتعامل مع معاديهم فيقول عودوا مرضاهم واحضروا جنائزهم وغيره من الوصايا التي تبين كيف ينبغي التعامل مع المخالفين.

وفي زمن الخلفاء العباسيين بداء من المستعين بعد ان هلك الخليفة المتوكل العباسي الذي قام والده بسم الامام الهادي عليه السلام عليه السلام جاء بعده اخوه المستعين وجاء بعده أبناء هؤلاء ،في سبع سنوات عزل وقتل أربعة خلفاء عباسيين ففي كل سنتين يتأمر الاتراك مع احد الامراء العباسيين لقتل او نزع أحدا اخر ،فمثلا في زمن المعتز تأمر الاتراك معه ضد عمه المستعين فقتلوه وبعد فترة من الزمان تأمروا مع ابن الواثق وهو ابن المهتدي تأمروا معه ضد ابن عمه المعتز وقتلوا هذا وجأوا بذاك والجامع المشترك بين هؤلاء الخلفاء بالرغم من اختلافهم ونزاعهم الا انهم كانوا متفقين على الظلم والتعدي فكانوا يبطشون ويظلمون عامة الناس والائمة الاطهار ومن يواليهم ويتبعهم سلام الله عليهم.

لذلك سجن الامام العسكري عدة مرات في تلك الفترة وبعضها كان معه في السجن بعض أصحابه مثل ابي الهاشم الجعفري وكان من خلص أصحاب الامام الهادي والعسكري وكما يروى بانهم حتى داخل السجن كانوا مقيدين بالأغلال والسلاسل.

وكثيرا ما تم تهديد الامام بالقتل من قبل الخلفاء العباسيين الى ان تم ذلك في زمن المعتمد بدس السم اليه فقتل مسموما  سلام الله عليه.