إطلالة على حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام و إمامته

أضيف بتاريخ 10/12/2021
Admin Post


إطلالة على حياة الإمام الحسن العسكري عليه السلام و إمامته:

كتابة المهندس الفاضل عبد الحميد الحسني 

من هو الإمام العسكري عليه السلام؟

الإمام أبو محمد الحسن ابن علي عليه السلام ولد في مدينة رسول الله صلى الله عليه و آله في سنة ٢٣٢هجرية على القول المشهور، و إن كان هناك من يقول أنه ولد في سنة ٢٣٠هجرية و لكن القول المشهور هو أنه ولد صلوات الله وسلامه عليه سنة ٢٣٢هجرية و استشهد في سامراء سنة ٢٦٠ هجرية، يعني كان كل عمره الشريف ٢٨ سنة منها حوالي ست سنوات كانت هي فترة إمامته بعد والده الإمام الهادي سلام الله عليه..

إمامة قصيرة و عظيمة :

 و تعتبر هذه الفترة من اقصر أو أقصر فترات الإمامة في زمان أئمة أهل البيت عليهم السلام، ذلك أن الأئمة المعصومين عليهم السلام كان بعضهم فترة إمامته  طويلة جدا مثل الإمام الكاظم عليه السلام  والذي قريب من ٣٤ سنة استمرت فترة إمامته بعد أبيه الإمام الصادق عليه السلام، و هكذا الحال بالنسبة للإمام الصادق عليه السلام أيضا قريب من هذه الفترة كانت إمامته، و بعض الأئمة الآخرين كانوا في حدود العشرين سنة فترة إمامتهم، مثل الإمام الحسين عليه السلام سيد الشهداء فإنه من بعد أبيه أمير المؤمنين عليه السلام بقي ٢٠ سنة وبقي  ١٠ سنوات من بعد أخيه  الإمام الحسن المجتبى عليه السلام..الإمام الهادي عليه السلام فترة إمامته أيضا كانت قريب من ٣٣ سنة أو في هذه الحدود..

 لكن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه يعتبر أقصر الأئمة عليهم السلام في فترات الإمامة ..شهادة والده الإمام الهادي عليه السلام في سنة ٢٥٤هجرية و شهادته سلام الله عليه في سنة ٢٦٠ للهجرة..

نبذة عن أم الإمام الحسن العسكري عليه السلام:

والدته المكرمة يقال لها سليل و يقال لها حديث و غير ذلك ، كما يقال لها سوسن أيضا و هي أم ولد يعني جارية و لم تنكح بالنكاح المعتاد، المعروف بأن تكون حرة و تزوج نفسها بواسطة وليها لرجل، و إنما كانت جارية تشترى و ينكحها الإمام عليه السلام،  أو غيره اذا اشترت من آخرين..هذا النكاح قائم على أساس ملك اليمين في ذلك الزمان، كان له غايات متعددة، واحد من الغايات هو أنه كان أحد الطرق لتحرير الجواري بشكل سلس إجتماعيا..

فلسفة الإسلام في تحرير العبيد: باب الزواج

 تعلمون في تلك الأزمنة كان أمر الرقيق و شراء الجواري و العبيد سياسة عالمية لم يكن أمرا مستنكرا و لا مستبعدا في كل العالم، بين أن يجيء الإسلام و يقول حرمت هذا الشيء و منعته و كل العبيد و الجواري هم أحرار، هذا يعني خسارة أصحاب الأموال  لنفترض فلان عنده عشرة عبيد و عشر جواري، و لنفترض كل واحد قيمته  مثلا ألف دينار، يعني هذا عشرين ألف دينار..

هل يستطيع المشرع الإسلامي يقول لهم تفضلوا هذه الأموال و حرروا عبيدكم..

على مستوى المجتمع،  لا يمكن لأنها ليست قضية شخص و شخصين، عشرات و مئات الآلاف بهذا النحو، فجاء الإسلام بطرق متعددة و مداخل مختلفة من أجل تحرير هؤولاء منها: 

ما اوجبه في الكفارات، اي واحد يؤدي كفارة من الكفارات، أول شيء يقال له انت تستطيع أن تحرر عبدا أو جارية فافعل..

واحد مثلا افطر عامدا في شهر رمضان و هو يحصل ، فأول  خصلة من خصال الكفارات و تقريبا هي اسهلها مقابل مثلا صوم شهرين متتابعين، أو أن يحرر عبدا أو جارية، حيث تحرير عبد أو جارية يبقى أيسر من صوم شهرين متتابعين من أن يصوم شهرين متتابعين..

واحد قتل إنسانا آخر قتلا خطئيا غير قضية الدية التي يدفعها، اذا قتل شخص شخصا آخر من ضمن الكفارات أنه يحرر رقبة و على هذا المعدل في الظهار  في غير ذلك، موارد كثيرة..

طبعا أنت لما تحسبها على مستوى الأمة الإسلامية ككل، يعني تصور أن في الأمة الإسلامية الآن  لو فرضنا مليار و ثلاثمائة مليون من المسلمين، كم واحد من هؤولاء سوف يرتكب في نهار شهر رمضان عملا محرما و هو الإفطار المتعمد، حتى لو تقول عشرة آلاف، عشرين ألف هذا أدنى شيء، نحن نرى كثير من الأحيان في شهر رمضان  نسأل أنه صار هذا الشكل و صار ذلك الشكل، هذا الذي قارب زوجته، ذاك الذي خانته ارادته، ذلك الذي أفطر متعمدا و هكذا، فكيف إذا على مستوى الأمة عشرات و مئات الآلاف و خصوصا مع مرور السنوات في  كل سنة هذه الأعداد موجودة فأول خصلة من الخصال هذه تحرير الرقبة سواءا كانت عبدا أو جارية، هذا طريق من الطرق ليس فيه مشكلة و لا فيه إضطرار من الحاكم الإسلامي لأن يدفع مقابل تحرير هؤولاء تلك المبالغ الطائلة، و إنما الإنسان نفسه طواعية يأتي و يحرر العبد و من ذلك أيضا في قضية  الزواج، طبعا هناك طرق مختلفة، الآن ليس حديثنا في إتجاه موضوع تحرير العبيد و لكن في هذه الجزئية نتحدث، من جملة ذلك في قضية النكاح، لو أن إنسانا اشترى جارية وواقعها فإنها إذا أنجبت منه أحدا بنتا كانت أو ابنا، بمجرد أن يموت سيدها تنعتق بشكل فوري من نصيبها و نصيب أولادها في الميراث بشرط أن تكون أنجبت منه ابن واحد أو بنتا واحدة، فإذا أنجبت منه و مات عنها فورا تنعتق، هذه يسمونها أم ولد، يعني من أنجبت و هي جارية من رجل ابنا أو بنتا (ولدا) بمجرد أن يموت عنها تنعتق اوتوماتيكيا و التعبير عنها بالفقه انها أم ولد و تكون حرة بعد ذلك..

أم الولد في زيجات الأئمة عليهم السلام: 

نحن نلاحظ من بعد الإمام الصادق عليه السلام كل زوجات الأئمة عليهم السلام اللاتي أنجبن أئمة من الإمام الكاظم إلى  الإمام العسكري عليهم السلام، كلهن أمهات أولاد، أم الإمام  الرضا كانت أم ولد أم  الإمام الجواد كذلك، أم الإمام الهادي و أم الإمام العسكري، أم الإمام المهدي أيضا كذلك.. لماذا هذا؟؟؟

لكي يتم القضاء على الحالة العنصرية و الطبقية المقيتة التي بقيت عند المسلمين إلى وقت متأخر، العرب هم من الأصل عندهم "شمخة خشم" حسب التعبير على غيرهم من الأمم و يعتبرون أنفسهم هم الأولى و الأفضل و الأحسن وإلى غير ذلك، الإسلام جاء و قال ، "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، " لا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى" كما ورد بالحديث، و أمثال ذلك، مع ذلك عندما توفي رسول الله صلى الله عليه و آله و جاءت الخلافة من بعد، عادت المسألة من جديد، قدم من جديد العرب على سائر المجتمعات، على العجم، الأتراك، قد يكون هذا عالم كبير و لكن لأنه أعجمي يؤخر، لأنه تركي كذلك، الذين كان يطلق عليهم اسم الموالي، السياسة الرسمية كان سياسة سيئة جدا في إتجاه هؤولاء، يعتبرون غير العربي أدنى مهما كان من العربي، و هذه نظرة ما انزل بها الله من سلطان..

فجاء النظام الرسمي فيما بعد، خلافة بإستثناء فترة أمير المؤمنين عليه السلام، و جاءوا بنو أمية حولوا هذا إلى قانون بحيث كان اذا واحد لنفترض من الموالي، هذا في زمان الحجاج تحديدا أيام عبد الملك وأبناءه، اذا جاء واحد من غير العرب و تزوج امرأة عربية، بجلد و يفرق بينهما، كيف انت غير عربي ، كيف تتزوج امرأة  عربية هذه أرقى منك و أفضل منك و أحسن منك، انت ارتقيت مرتقى عظيما، فكان لذلك يقال للناس هؤولاء أئمة الهدى  عليهم السلام المصطفين من الله عزوجل  و المنتخبون منه ، هؤولاء أمهاتهم كلهن من هذه الفئة الذين أنتم تعتبرونهم من الموالي و من الجواري و من غير العرب و بهذه الطريقة يكون الزواج، قد يكون لهذا السبب أئمة الهدى عليهم السلام كانت زيجاتهم ممن ولدن أئمة، يعني الأئمة عليهم السلام قد يكون للإمام منهم زوجتان بملك اليمين و زوجة أخرى الزوجة العادية، الأخيرة لا تنتخب كوعاء المعصوم و الأولى تنتخب لذلك، مثلما كان الإمام الرضا عليه السلام  مع أم الفضل، و كذا الإمام الجواد عليه السلام مع ابنة المأمون، هؤولاء مع أنهن نساء لسنا من الجواري و لم يكن من الموالي و إنما كانوا من العرب الأقحاح و لكن لم يرزقن الولد و لم يكن منهن إمام بينما كان الإمام من تلك الجارية..

على أية حال، هذه امرأة يقول فيها الإمام الهادي عليه السلام أم الإمام العسكري، سليل و هو اسمها الأصلي:"سليل مسلولة من الآفات و الأدناس والأرجاس" يعني مصفاة منتخبة ما فيها دنس ما فيها عيب، ما فيها رجس، مع أن النظرة العامة لما تقول أنه هذه جارية مشتراة، كأنما هذه امرأة نازلة الشرف أو عديمة القيمة المعنوية، يقول الإمام الهادي عليه السلام لا هذه امرأة مسلولة من الادناس، من الارجاس، من النواقص، انتخبت و اصطفيت بحيث هذه الأمور لم تكن فيها، فولدت هذه السيدة الجليلة الإمام الحسن العسكري عليه السلام في المدينة المنورة بعدها بحوالي ثلاث سنوات في سنة ٢٣٤هجرية ،اشكص الإمام الهادي عليه السلام مع اهله و اولاده الى سامراء بطلب من المتوكل العباسي،أمر أن يؤتى بالإمام الهادي عليه السلام من المدينة إلى  سامراء على غير رغبته و على غير إرادته  و ذلك لفصله عن شيعته في المدينة و اعاقته عن دوره الذي كان يقوم به في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، فحمل معه عياله و كان من بينهم الإمام العسكري سلام الله عليه و بقي في سامراء إلى حين شهادته..

شذرات من إمامة الإمام الحسن العسكري عليه السلام:

1.    تراثه العلمي الغزير: نصوص و فوائد

الإمام العسكري عليه السلام إمامته كما قلنا فترتها كانت فترة قصيرة و مع ذلك كانت حافلة بما يرتبط بتعليم الناس أحكام دينهم في مستوى العقائد أو القضايا الفقهية، و يتعجب الإنسان لما يجد أن فترة الإمامة كانت ست سنوات و هي فترة قصيرة جدا تعتبر، و مع ذلك ترك لنا من الآثار، من الأحاديث..

عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام ترك لنا شيء كثير لايزال إلى الآن موجودا في الكتاب ، هذا فضلا عن ذلك الذي لم ينقل إلينا، تدرون أنه ليس كل الأحاديث و الروايات التي قالها الأئمة المعصومين عليهم السلام وصلت إلينا، إنما وصلنا منها قسم،و هذا القسم يعتبر الشيء الكثير، أورد لكم بعض الأمثلة و النماذج منها:

1.    نصوص الصلوات و الزيارات:

 مثلا ما ورد عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام في صلاته على النبي محمد و آله،

الآن أنتم اذا ذاهبون إلى المدينة-بلغنا الله و إياكم زيارة قبر النبي صلى الله عليه و آله- نقرأ في هذه الزيارة، اللهم صل على محمد و آل محمد كما حطمت به الاصنام و اقمت به الإسلام اللهم صل على محمد و آل محمد كما بلغ وحيك و نشر رسالتك اللهم صل على محمد و آل محمد كما كذا و كما كذا، حوالي صفحتين، هذا النص من الزيارة تعليم من الإمام الحسن العسكري عليه السلام للناس كيف يصلون على النبي محمد و آله ، اللهم صل على محمد و آل محمد، و مثله أيضا في تعليم الصلاة على امير المؤمنين عليه السلام، إذا ذهبت إلى  أمير المؤمنين عليه السلام و اردت ان تصلي عليه صلاة خاصة تحتوي على أهم مناقبه فقد ترك لنا الإمام العسكري عليه السلام  صلاة مفصلة في هذا الجانب موجودة.. الآن يمكن للإنسان أن يرجع إليها،  و هناك صلاة أخرى على سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها، ايضا بحدود الصفحتين في كتب الادعية، و هكذا كل إمام من الأئمة المعصومين إلى الإمام المهدي هناك صلاة مروية عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام عليه، كما يصلي الإمام العسكري عليه السلام على نفسه، و صلاة خاصة على الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف و دعاء له، هذه ما فائدتها  و ميزتها؟ إنها فائدة  عقائدية،  هي بمثابة نص على الأئمة الاثني عشر سلام الله عليهم يعني من جملة الأدلة التي تقام على أن هناك نصوصا على الأئمة المعصومين عليهم السلام، نأتي و نقول أن هناك نصوصا عن رسول الله صلى الله عليه و آله، هناك نصوص عن أمير المؤمنين عليه السلام،  عن فاطمة الزهراء سلام الله عليها، عن الإمام الحسن و الإمام الحسين عليهما السلام و أيضا عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، هذه الصلوات بداخلها إشارات و تصريحات إلى إمامة هذا الإمام الذي يصلي عليه الإمام العسكري عليه السلام ،فهذا من الأمور المهمة لأن فيها قضية عقائدية و هي إثبات النص على إمامة الأئمة الاثني عشر عليهم السلام، بل المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام ، هذا واحد من الأمور، و الأمر الآخر في كل نص فيه بيان لجانب من دور الإمام أو المعصوم الذي يصلي عليه، لما يأتي يصلي على رسول الله يبين جهاده ، و عمله ، كما يبين تحطيمه للأصنام، تشييده للإسلام،أمانته في اداء الرسالة، جهده في  تبليغ هذا الدين و هكذا  إلى  سائر المعصومين عليهم السلام، قد لا نجد مثل هذا المعنى موجودا لدى سائر المعصومين عليهم السلام، مثلا الإمام الصادق لم نعثر، لكن قد يكون موجودا و لكن لم يصل إلينا، أن الإمام الصادق مثلا يأتي و ينشئ نصا فيه بيان فضيلة المعصومين عليهم السلام من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله ، إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، لكن الشيء موجود عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام، 

2.    دعاء خاص بشهر رمضان

من ذلك أيضا الدعاء المشهور الذي نقرأه و يمكن الإنسان لا يلتفت إليه، في شهر رمضان، ربما يقل أن يكون إنسان من شيعة أهل البيت عليهم السلام، لا يقرأ في شهر رمضان هذا الدعاء: اللهم اجعل فيما تقضي و تقدر من الأمر المحتوم في الذكر الحكيم من القضاء الذي لا يرد و لا يبدل أن تكتبني من حجاج بيت الحرام ..الخ هذا الدعاء، هذا الدعاء هو مما علمه الإمام العسكري عليه السلام لشيعته أن يدعووا به في شهر رمضان، يمكن غير ملتفتين أن هذا الدعاء عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام و نقرأه و نتمنى أن يتحقق ما فيه  من الأدعية،

3.    زيارة الإمام الحسين عليه السلام في مولده الشريف:

 هكذا أيضا زيارة الإمام الحسين عليه السلام في يوم المولد في يوم ٣ شعبان: اللهم إني أسألك بالمولود في هذا اليوم  الموعود بشهادته قبل استهلاله و ولايته.."، و هذا أيضا يقرأ عادة في أيام شعبان، بالذات في الزيارة الشعبانية في يوم ميلاد الإمام الحسين سلام الله عليه  والذي فيه أيضا قضية هذا فرطس بمهده، و هكذا ذكر هذه القضية الإعجازية ،

4.    من المسائل الفقهية ذات السبق:

 و هذا أيضا مما أثر عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام،  من الأمور التي يذكر العلماء لا سابقة لها في فقه الامامية، هو ما ذكر و ما نقل عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام في قضية عرق الجنب من الحرام-نعوذ بالله- الإنسان عندما يجنب من حلال  مع زوجته مثلا، أو لا في الليل يرى في عالم الرؤيا فيحتلم، لو تعرق في هذه الأثناء او صار في بدنه عرق و على ثيابه عرق، هذا العرق لا محور فيه لا يحتاج أن يذهب يبدل ثيابه، لنفترض لما يقارب إنسان زوجته و يتعرق ما يحتاج يبدل ثيابه التي عرق، و لكن لا سمح الله ولا قدر لو أن إنسانا اجنب من الحرام كأن يستعمل العادة السرية نعوذ بالله، الاستمناء و العادة السرية من الأمور المحرمة شرعا، لو مثلا شابا أو شابة استعمل هذه العادة السرية  و في هذه الأثناء تعرق (او/ت) البدن، الوقت حر أو صيف لنفترض و جهد بذل فتعرق ثيابه، عرق ناتج عن العادة السرية و الاستمناء و هي محرمة شرعا، هنا علماؤنا يستشكلون في صلاته، و بعض العلماء القدماء يقولون هذا نجس هذا العرق الذي نتج من بدن الإنسان في جنابة محرمة هذا نجس لابد له أن يغتسل، بعض العلماء الآخرين و هم الأكثر الآن يقولون: لا يجوز الصلاة فيه حتى إن لم يكن نجسا، لأن عندنا بعض الأشياء و هي ليست بنجسة لا يصح الصلاة فيها، مثل وبر ما لا يأكل لحمه، شعر ما لا يأكل لحمه، القطة مثلا جاءت و نفضت وليها عليها او من خلال الاحتكاك على ثوبي بحيث بقي وليها على الثوب، وبر القطة ليس بنجس و لكن مع ذلك لا يصح الصلاة في هذا الوبر، و تكون باطلة لو صليت به، مع أنه ليس نجسا، ليس دائما الشيء اذا غير نجس لا يصح الصلاة فيه، وبر و شعر و رطوبات و ما شابه ذلك ما لا يأكل لحمهت سواء كان قطة أو عنده أسد على سبيل المثال و يتمردغ عليه نفس الكلام،  لا تصح الصلاة في هذه الملابس التي عليها شعر الأسد، أو وبر القطة أو شعر النمر،أو غير ذلك، كذلك أيضا هذا العرق الذي اجنب صاحبه و هو في حالة استمناء، أو نعود بالله مارس عملا جنسيا محرما، و في هذه الأثناء تعرق ، هذا لا يستطيع أن يصلي في هذه الثياب التي صار عليها العرق إما لأنه نجس كما يذهب علماؤنا القدماء أو حتى و إن لم يكن نجسا، الصلاة لا تتم فيه و لا تصح فيه مثلما لا تصح و تتم  في وبر ما لا يأكل لحمه، هذا الحكم مثلا إنما كان في زمن الإمام الحسن العسكري سلام الله عليه، "حيث سأله أحدهم و قال له: يا سيدي، ما تقول في عرق الجنب، هل هو طاهر؟ فكتب إليه: إن كان من حلال فنعم، و إن كان من حرام فلا.."لا تصح الصلاة في الحد الأدنى..

5.    الوصايا و الرسائل لشيعته:

 فمثلا هذا يقول العلماء من الأحكام الاي تم إيضاحها و تبيينها في زمان الإمام العسكري صلوات الله وسلامه عليه، و أمثال ذلك كثير ، وصاياه لشيعته، كتابته إليهم، وصايا متعددة جدا ، كيف يتعاملون مع المجتمعات المخالفة لأهل البيت عليهم السلام،  تعلمون في سامراء المحيط العام محيط غير موالي لأهل البيت عليهم السلام، بل عنده رسائل إلى مثل منطقة الاهواز عبد النجاشي و قال له ابوجير، ايضا هذا كان حاكما على الأهواز من قبل الخلفاء العباسيين و يظهر انهم لم يكونوا يعرفون عن اتصاله بالإمام العسكري عليه السلام، فكان يكتب إلى الإمام سلام الله عليه استشارات و أسئلة و قضايا و الإمام يرد عليه بكتاب مفصل يحتاج إلى دراسة مستوعبة..

هذه الجوانب  كانت من الإمام عليه السلام  مع قلة فترة إمامته صلوات الله وسلامه عليه.

عن إخوة الإمام الحسن العسكري عليه السلام: 

كان له عدة إخوة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، بعضهم في غاية الجلالة والعظمة و بعضهم الآخر كلا: 

1.    جعفر الكذاب: 

من إخوته سلام الله عليه، الذين لم يكونوا مرضيين من عرف عند المؤرخين بجعفر الكذاب، و بعضهم يقول جعفر التواب، جعفر ابن الإمام الهادي عليه السلام، رجل اختلف العلماء فيه، الرأي المشهور عند العلماء والمؤرخين أنه لم يكن صالحا، بل كان معاندا للإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف و حاول أن يسطو على موضع الإمامة و موقع الإمامة نظرا لغيبة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ، و حاول أن يصلي على الامام الحسن العسكري عليه السلام، مع أنه معلوم عند الامامية أنه بعد الحسن و الحسين عليهما السلام لا تكون الإمامة في أخوين و إنما يكون تسلسلها بحسب الأب و الإبن، هذا مع أنه كان يعلم ذلك إلا  أنه كان يطمح لأن يكون هو الإمام و حاول حتى إن يستعين بالخلفاء العباسيين في هذا الجانب،حتى يعينوه، و بعض الخلفاء العباسيين كان يسخر منه، يقول هذا موقع لسنا نحن من نعين الامام و ما تقبل شيعة أهل البيت انه نحن نعين لهم الامام، و إنما هم عندهم طريقة معينة يعرفون بها أئمتهم، فإذا كان هذا عنده المواصفات المطلوبة فما يحتاج لنا أصلا، و إذا كان فاقدا لتلك المواصفات لا يسمع له شيعة أهل البيت و لا يخضعون له، و لذلك يرى و الرأي المشهور عند علمائنا أن جعفر لم يكن صالحا، و هذا ليس بأمر غير طبيعي،  فإن بعض أبناء الأنبياء كانوا غيرصالحين،  ابن نبي الله نوح عليه السلام،  النبي نوح عليه السلام هو المعصوم و المصطفى، لكن لازم يكون كل اولاده في أعلى الدرجات ليس كذلك، قد يقال الإمام و النبي ما يقدر يؤثر عليه، يقدر و لكن لازم القابلية، مثلا عندك فلاح خبير و لكن الأرض سبخة، ارض حجرية لا ينبت فيها الزرع، لو يهلك نفسه في ذلك لا يصنع شيئا، فالقضية ليست قضية نسب، أن هذا إبنه و هذا أخوه و هذا ابن عمه، و إنما الهدى يأتي لكي يؤثر فيمن تكون له قابلية التأثر..

2.    السيد محمد (سبع الدجيل):

 بإستثناء جعفر الكذاب بقية إخوة الإمام الحسن العسكري عليه السلام كانوا في غاية الرفعة و منهم السيد محمد ابن الإمام الهادي المعروف بسبع الدجيل، كثير منكم اذا سافرتم للعراق عادة تذهبون لزيارته، بلغ الله و إياكم زيارة مراقد المعصومين عليهم السلام في أمن و أمان و نفع بذلك أن شاء الله، هذا كان عظيم المنزلة، عالما كبيرا جدا، حتى أن بعض الشيعة كانوا يظنون أنه هو الإمام بعد أبيه الإمام الهادي عليه السلام، يعني يرون منه التقوى و الورع و الزهادة و العلم الكثير، فكانوا يتصورون هذا الأمر، لكن تعلمون ان قضية الامامة ليست بحسب مقاييس هؤولاء البشر، و قد توفي السيد محمد ابن الإمام الهادي عليه السلام في حياة أبيه أيام حياة الإمام الهادي عليه السلام، و لذلك قيل انه لما توفي السيد محمد سبع الدجيل، قال الامام الهادي عليه السلام للإمام الحسن العسكري عليه السلام أن يسجد لله شكرا فقد احدث فيه أمرا، ليس المقصود أنه عينه، الله عينه بعدما مات سبع الدجيل سيد محمد، و إنما المقصود أنت الآن لا أحد ينازعك في ذهن الناس ممن له هذه المواصفات، يعني من الممكن لو بقي سيد محمد، مثلا على قيد الحياة، و عنده هذه الفضيلة و المنزلة الجليلة و العلم الرفيع، من الممكن أن قسم من الناس يعتقدون فيه الإمامة و يسلمون له، فتقع مشكلة في داخل الوضع الشيعي، لكن الإمام الحسن العسكري عليه السلام جاء و استلمها-حسب التعبير-من دون منكدات و من دون ادعاءأحد للإمامة، و من دون توقع أحد آخر ان يكون هو الامام غير الإمام العسكري عليه السلام ،و بطبيعة الحال لما الإمام يأتي و لا أحد يدعي غيره، يستطيع أن يخدم الدين أكثر من لو انقسم الشيعة إلى أقسام، هذا يعتقد مثلا في سبع الدجيل سيد محمد و هذا يعتقد في الإمام الحسن العسكري عليه السلام و ما شابه ذلك، فالسيد محمد رضوان الله تعالى عليه كان من علماء أهل البيت عليهم السلام و كان من أتقيائهم و زهادهم و توفي زمان والده الإمام الهادي عليه السلام.

3.    الحسين العسكري:

 ايضا كان هناك أخ للامام العسكري عليه السلام و ابن الإمام الهادي عليه السلام يقال له الحسين بن علي الهادي وكانا يسميان بالسبطين الحسن و الحسين تشبيها لهما بما كان من ابني رسول الله صلى الله عليه و آله، لكن الحسين العسكري ما كان بمثل جلالة و مرتبة السيد محمد و إنما كان دون ذلك، و لهذا لم يكن هناك احتمال أن أحدا يتبعه بإختيار أنه مثلا هو الخليفة بعد أبيه، و كان هو أيضا متواضعا و قابلا بإمامة الإمام  الحسن العسكري عليه السلام..

من أحاديث الإمام الهادي عليه السلام:

  مع كثرة النصوص التي أثرت عن الإمام الهادي في حق إبنه الإمام الحسن العسكري عليهما السلام، مثلا  كان يقول:" ابني الحسن أبومحمد- وقد لقبه و هو صغير أيضا-، ابني ابو محمد الحسن أصح آل محمد غريزة، و أكثرهم علما وهو أكبر ولدي، و الحجة على الخلق من بعدي"، هذه كانت توضيحات صريحة، بعضها حتى كان فيها إشارة إلى الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، مثلا كان  يقول: " الخلف من بعدي ابني الحسن و لكن أنى لكم للخلف من بعده، فقالوا له: و لما يا بن رسول الله؟ قال: لأنكم لا ترون شخصه و لا يحل لكم ذكر اسمه" في زمن الإمام الحسن مع شدته لكنه كان طبيعيا، و اما في زمان الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف، فلا تروا شخصا، الناس لا يعاينوه، سيغيب عنهم، و أيضا لا يتم لكم الكلام حوله، لا يمكنكم تحدثوا حوله، الإمام المهدي صنع كذا، محمد بن الحسن صنع كذا، لابد أن احتفظوا على سرية أموره، فسيكون الأمر عندئذ أصعب و أصعب عليكم، و هذا في زمان الإمام الحسن العسكري عليه السلام لم يكن..

من محن الإمام العسكري عليه السلام :

 فبقي إمامنا الحسن العسكري عليه السلام في هذه الفترة مع انها ستة سنوات، إلا أنها كانت حافلة جدا بما يرتبط بالتعليم و نشر العلم والمعرفة كما ذكرنا، و في نفس الوقت كانت حافلة بالضغط و التشديد من قبل  الخلفاء العباسيين، ستة خلفاء عباسيين عاصرهم الإمام الحسن العسكري عليه السلام، كل عمره الشريف هو ٢٨ سنة، و مع ذلك عاصر ستة من الخلفاء، و هذا يعني أنه كل أربعة سنوات و نصف تقريبا يتغير من هؤولاء، مع أن بعضا من هؤولاء كان أقل من ذلك، بعضهم كان أقل من سنة، سنة واحدة ما يكملها،و لكن كان يجمعهم شيء واحد بإستثناء المنتصر ابن المتوكل، الباقي من المعتز و المعتمد و المستعين و المستكفي و المهتدي و هكذا مثلما يقول الشاعر: 

أسماء مملكة في غير موضعها         كالهر يحكي انفتاخا صولة الأسد 

يعني أسماؤهم لا تعبر عن حقائق و إنما هي مزاعم، الجامع المشترك بين هؤولاء كان الايذاءو التضييق على الإمام الحسن العسكري عليه السلام و شيعته، و قد نحتاج إلى ليلة كاملة للحديث عن هذه السياسات الباطلة التي كانوا يقومون بها في مقابل الإمام الحسن العسكري عليه السلام، لكن الإمام العسكري سلام الله عليه سجن أكثر من مرة في هذه السن سنوات، و أكثر من مرة تم تهديده بالقتل، ومعه بنو هاشم أيضا من اصحابه، منهم ابو هاشم الجعفري من نسل جعفر بن أبي طالب و عدد آخر من شيعته، غير فرض الإقامة الجبرية عليه، و ما كان يسمح بأن يتواصل الناس معه في هذه الفترة، و التضييق الإقتصادي كان موجود، و فوق ذلك كما ذكرنا السجن أكثر من مرة و كانوا يتهددونه سلام الله عليه بين فترة و أخرى بالقتل، حتى لقد أمر بعض هؤولاءالمرتزقة بأن يعمل مخطط لقتل الإمام و هو متنقل من مكان إلى مكان آخر بالليل، لكن لم يتسبب لهم ذلك حتى يضيع دمه، لكن الشيء الذي تيسر لهم هو أن يسمونه بذلك السم  القاتل و الفتاك، بنو العباس اتقنوا هذه الشغلة، شغلة الاغتيال بالسم حتى فيما بينهم، و هذا يحتاج إلى حديث مفصل، فيما بينهم كانوا يقومون بتصفية و قتل بعضهم بعضا بقضية السم،و هذا عليه شواهد من زمان المنصور العباسي أولهم إلى الأزمنة المتأخرة في مثل المعتمد و المعتز فيما بينهم، موسى الهادي دس السم لأمه لأنها كانت تفضل الهارون، و الهارون تعاون مع امه ليدسا لموسى السم لمي يقتلاه و فعلا قتلاه، فقط سنتين بقي و تم قتله، قتل الوزراء و المنافسين و الأعداء و حدث و لا حرج، يعني مثل هذا موسى الهادي يدس السم لأمه، لأنها كانت تفضل هارون عليه و هارون يتآمر معها على ابنها و ينجحون في ذلك، هذا إذا إخوة من اب واحد فما ظنك بمن يظنون أنه ينازعهم في ملكهم، مثل الإمام الحسن العسكري عليه السلام و لم يكن في هذا الوادي، كما يبغض الظلام النوركانوا يبغضون أئمة أهل البيت عليهم السلام، آخرهم كان المعتمد العباسي كما يذكر الشاعر: 

ارداه معتمد الضلال بسمه            فقضى شهيدا يا سماء تفجري 

مازال يكيد له حتى دس له ذلك السم النقيع،