مصادر المسلمين وصورة غير حقيقية عن النبي

أضيف بتاريخ 10/20/2021
Admin Post


كتابة الفاضلة ليلى الشافعي

   قال الله العظيم في كتابه الكريم : ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله يإذنه وسراجًا منيرًا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلًا كبيرًا ) 

    حديثنا بإذن الله تعالى يتناول الصورة غير الحقيقية الموجودة في مصادر المسلمين عن سيد الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله (ص) وفي ليلةٍ مضت تعرضنا إلى جهاتٍ تجعل شيعة أهل البيت عليهم السلام الأكثر اهتمامًا برسول الله من حيث ذكره والصلاة عليه واستحضار سيرته وزيارته وذكره في مختلف المواضع والاستشفاع به والتوسل عند الله بجاهه وبشأنه بل إن اهتمامهم بقضية الحسين عليه السلام وسائر الأئمة نابعةً من كون هؤلاء ينتمون لرسول الله نسبًا ويمثلونه امتدادًا وخطًا وهدايةً . وأتينا على ذكر بعض ما كتب الشيعة الإمامية في شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسيرته لعل سائل يسأل ويقول إن ما كتب في محيط المدرسة الأخرى من الكتب والمؤلفات والموسوعات هو من حيث الكمية أكبر بكثير مما نجده عند شيعة أهل البيت وهذا صحيح من الناحية الكمية لكن هناك ملاحظتين في الملاحظة الأولى أن جهود الإمامية فيما يرتبط برسول الله صلى الله عليه وآله في مختلف الجهات من الاهتمام هي جهود الناس فالزيارات هي من قبل الناس الكتابات والمؤلفات والموسوعات والذكر للنبي والصلاة عليه والاستشفاع به وغير ذلك هو جهد شعبي . بينما عندما نأتي إلى الطرف الآخر نجد غالبا أن الحكومات هي التي تتبنى مثل هذه الموسوعات الكبيرة والكتب والتآليف وما شابه ذلك وهناك فرق بين الأمرين . 

    والأمر الآخر أن هذه الموسوعات والكتابات التي تأتي من المدرسة الأخرى تأخذ من منبع هذا المنبع نعتقد أن فيه خللًا واضحًا فإن هذه المصادر الأولى التي تعتمد عليها مدرسة الخلفاء في ذكر سيرة رسول الله وأحاديثه وعرض شخصيته المصادر الأولى نعتقد أن فيها خلل وعرض غير سليم لسيرة رسول الله ولشخصيته ولأخلاقه فكل ما يأخذ من ذلك يصير شرح له ويصير له طباعة وتبيين واستدلال عليه ما دام الأصل فيه خلل فسينتقل الخلل إلى تلك الشروحات والموسوعات والكتب المتفرعة . إن المصدرين الأساسيين فيما يرتبط بسيرة رسول الله عند مدرسة الخلفاء هما الصحيحان وفيهما من الروايات التي تتناول شخصية رسول الله بغير ما ينبغي وبغير الصحيح كما نعتقد فيها الشيء الكثير جدًا وللعلم نحن هنا لسنا نتحدث من باب المناكفة أو نريد أن نسجل هدف على الطرف الآخر كأن نري الآخرين بأن هذا الحديث عندهم غير صحيح وهذه الفكرة غير سليمة وأمثال ذلك لا نريد أن ننطلق من هذا المنطلق وإنما من منطلق الناصح أن يا مفكري المسلمين أقبلوا على تنقيح هذه الكتب التي تتعرض لشخصية رسول الله بما لا ينبغي له ، لو عملتم هذا لأقررتم عين رسول الله وأقررتم عين عترة رسول الله وأقررتم عين المسلمين جميعًا . فلو أن فئةً من المسلمين المنصفين المتعقلين المفكرين أقبلوا على هذين الكتابين الأساسيين ونظروا إلى كل ما يشين شخصية رسول الله فأبعدوه عنه أو لا أقل بينوا أن هذه من الروايات وقد تكون صحيحةً وقد تكون خاطئة . تمامًا مثل ما يذهب إلى ذلك الإمامية فأي رواية عند الإمامية حتى لو كانت في أصح كتبهم إذا كان فيها خدشٌ لمقام رسول الله أو تشويهًا لشخصه مهما كان ذلك الكتاب إذا فيها إخلال لشخصية رسول الله حتى لو أتى بها الكليني أو الصدوق أو شيخ الطوسي فإذا كان فيها ما يستفاد منها الانتقاص لمقامه ليست مقبولة . فلسنا عبيدًا لأي حديثٍ جاء به أي عالمٍ من العلماء ما دام يخدش شخصية النبي ويقلل منزلته شيعيًا كان أو سنيًا فإذا توجه المسلمون هذا التوجه لصيانة مقام رسول الله ولوضعه في الموضع الذي وضعه الله تعالى فيه ، ولاحظوا أن القرآن الكريم تحدث كثيرًا عن رسول الله صلى الله عليه وآله مع أن القرآن جاء من أجل تبيين العقائد والأحكام وما شابه ذلك ، لكن حرص الكريم على أن يتحدث فيه ربنا في آياته عن رسول الله بشكلٍ كبير وأعطاه المنزلة العالية في اللفظ وفي المعنى وهذا بيناه في بعض المواضع فنمط خطاب القرآن لرسول الله يختلف عن نمط خطابه لسائر الأنبياء ، إبراهيم وهو شيخ الأنبياء وجد رسول الله لكن في القرآن يخاطبه ( يا إبراهيم أن قد صدقت الرؤيا ) إبراهيم باسمه المجرد . ونوح هذا الذي كان أول الأنبياء ومن أعظمهم ( يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عملٌ غير صالح ) 

موسى ( وما تلك بيمينك يا موسى ) ( يا عيسى ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين ) يخاطبهم بالاسم المجرد حتى إذا جاء لرسول الله ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا ) في موضع آخر يقول ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) فلا يوجد في القرآن يامحمد يا أحمد يا مصطفى . بل يا أيها الرسول يا أيها النبي وهذا من الله الخالق ورسول الله خالقه فبقية الأنبياء بأسمائهم لكن مع محمد يختلف الخطاب،  وهذا في الشكل وهو مهم وبعد ذلك يقول ( إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا وبشر المؤمنين أن لهم من الله أجرًا كبيرًا ) فهذا النمط من الخطاب وأمثال ( وإنك لعلى خلقٍ عظيم ) وأمثال كثير من الآيات كما ذكرت وتعرضنا لها في محاضرة  بعنوان ( مقامات الرسول الكريم في القرآن العظيم ) لماذا حرص القرآن على ذلك ؟ حتى يعطي مقياس فإذا رأينا رواية صادرة من السنة أو من الشيعة في مصادر هذا الفريق أو في مصادر ذلك الفريق ورأينا أنها لا تتوافق مع ما جاء في القرآن حول رسول الله لا نقبلها أبدًا فعتابنا هو في هذه الجهة للفريق الآخر : أن يا أيها المسلمون لماذا أعطيتم كتابين سميتموهما الصحيحين العصمة وأعطيتم مؤلفينهما الصدق النهائي بحيث إذا جاءت رواية أو حديث فيهما يكون فصل الخطاب ؟ ليس كذلك فإن فيهما من الأحاديث والروايات التي لا تنسجم مع شخصية رسول الله ولا مع مقامه وأورد بعض الأمثلة وهذا غيضٌ من فيض وقطرةٌ من بحر ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المختصة في هذا مثل كتاب ( في رحاب الصحيحين ) للمؤلف محمد صادق النجمي وغيره من الكتب التي تتبع فيها هذه الموارد . ونورد هنا بعضها مع ملاحظة أننا لا نحب أن يشيع في رسول الله إلا كل خير وصدق واحترام ونتمنى أن تنبعث فئات من مفكري الإسلام كي يغيروا هذا حتى إذا بقيت هذه الكتب يشار إلى أن هذه الروايات لا تتوافق مع القرآن ومع سائر الروايات الأخر .

    ومن الأمثلة على ذلك : ما جاء عندهم في الصحيحين أن النبي ( ص) ينسى القرآن . فهذا إذا ثبته في كتاب وهذه مشكلة المشاكل أن هذين الكتابين يؤسسان لعقيدة أغلب المسلمين فأغلب المسلمين يفهمون الإسلام من خلالهما وإذا كانت هذه الكتب فيها أن النبي ينسى آيات القرآن وهو وارد فيها : أن رسول الله كان في المسجد يخطب فأراد أن يقول آيات فذهبت عنه فقام واحد من المسلمين وذكره بها فقال له أن الآيات كذا وكذا من سورة الروم فقال له نعم أذكرتني وكنت ناسيًا إياها . وهذا يفتح باب خطير وجاء المستشرقون المسيحيين الذين يكيدون للإسلام وقالوا هذا من الكتب الصحيحة عندكم والرواية عندكم صادقة مائة في المائة أن النبي ينسى وأحدهم ذكره فكيف نعرف أنه في مكان آخر نسي ولم يذكره أحد ؟ فإذن هذا القرآن الذي بين أيديكم غير معلوم أنه كله منزل من الله سبحانه وتعالى لأنه يحتمل أن نبيكم الذي ينسى آيات من القرآن قد يذكره أحدهم وقد لا يجد من يذكره وبالتالي ينسى .

كلا فالنبي معصوم لا ينسى ولا يخطئ ولا يسهو لا عمدًا ولا سهوًا ولا غير ذلك . فمقتضى الإيمان بعصمة الرسول هو هذا ، والقرآن نفسه يصرح ( سنقرئك فلا تنسى ) يعني عندما نأتيك بالآيات ونقرؤها عليك عن طريق الوحي لا تنساها أبدًا فلا معنى لقولهم هذا أبدًا .

   ويأتي موضوع السهو في الأفعال أن النبي (ص) كان يصلي الظهر فصلى ركعتين على الركعة الثالثة سلم ووقف عند الإسطوانة فتعجب الناس ، فقام أحدهم في رواية أبي هريرة ويسمى ذو اليدين أو ذي الشمالين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أو نسيت ؟ قال : ما قصرت الصلاة وما نسيت . قالوا : بلى أنت صليت بنا ركعتين فقط فأشار النبي إلى المصلين وقال لهم أصحيحٌ ما يقوله ذو اليدين قالوا : بلى يا رسول الله . قال : إذن فلنكمل فجلس وتشهد وقام للركعة الثالثة والرابعة وأكملها .هنا وحين نناقش هذه القضية يقول العلماء أن ذو اليدين شخص كان من المسلمين واستشهد في غزوة أحد بينما أبو هريرة الراوي إنما أسلم بعد خيبر يعني بعد أربع أو خمس سنوات من شهادة ذو اليدين وهو يتحدث وكأنه موجود وليس نقلًا عن أحد فكيف ذلك وهو لم يسلم بعد ؟! 

الأمر الثاني : لنفترض أن النبي كما تقولون ، كيف يقول النبي ما قصت الصلاة وما نسيت فهذا يبين أنه مضيع حسب التعبير فهو يصلي ركعتين ولا يدري أنه صلى ركعتين فقط مكان الأربع ويصر على أنه لم يسهو ولم يقصر .

الأمر الثالث : لنفترض أن هذا ما حدث ، فالنبي قام وتحرك وتكلم وناقش ولم تتأثر هذه الصلاة ؟؟!! فكيف يكملها بهذه الطريقة ؟! وأساسًا إذا كان النبي بهذه المرتبة من السهو في الأفعال ومن النسيان بالآيات هل هذا هو النبي الذي نعرفه ؟ فالنبي الذي فعله سنة إذا كان ليس مأمونًا منه الخطأ والسهو والنسيان لا يمكن أن يكون فعله سنة ، فالعصمة لا بد منها ليكون فعله سنة وحجة . فأعلم أن كل ما يفعله النبي هو أمر مشروع . لذلك حتى في كتبنا موجودة هذه الرواية وقال علماؤنا أنها ساقطة لمخالفتها للمعلوم بالضرورة وبالبرهان والدليل على أن النبي ( ص) معصومٌ من الله عز وجل عن الخطأ والسهو والنسيان والتعمد في كل المراحل . فنحن لا نعترف بتلك الروايات لأنها تخالف العصمة وفي ذلك الوقت لا تنطبق آية ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) . فهذه من الروايات التي يقول بها بعض المسلمين وتتأسس بها عقيدة المسلمين وينتقد بها أعداء الدين ويوجهون سهامهم من خلال هذه الروايات . 

    وأسوأ من هذا عندهم في هذه الكتب أن النبي المصطفى محمد ( ص ) سُحِر من قبل يهودي اسمه لبيد بن الأعصم ولمدة أشهر أثر على النبي بحيث أنه يفعل الشيء ويتصور أنه لا يفعله ولا يفعل الشيء ويظن أنه قد فعله ، فمثلًا لايصلي ويتصور أنه قد صلى ، ويأخذ من فلان شيء ويتصور أنه لم يأخذه وكأنه قد سيطر هذا السحر على أفعال رسول الله إلى الدرجة أنهم قالوا أنه يأتي أهله ويظن أنه لم يأتيهم وبالعكس يصلي ويظن أنه لم يصل ولا يصلي ويظن أنه قد صلى واستمر هذا لمدة ستة أشهر إلى أن جاءه الفرج ونزل ملك وقال أن هناك السحر في البئر الكذائي واستخرجوه ... إلخ 

    وهذا كلامٌ فارغ ينتهي إلى سلب الاعتماد على رسول الله نهائيًا وهذا على أنه أصل قضية السحر هل يؤثر أو لا يؤثر هذه فيها كلام طويل ليس هذا محله ، ولكن لو افترضنا كما يقولون أن السحر يؤثر والمسحور يتأثر وتتغير قراراته وأموره وكلامه وفعله كما زعموا ذلك على رسول الله . فهذه الستة أشهر التي زعموا أن رسول الله كان مسحورًا هل يكون قوله حجة ؟ ليس حجة لأنه قد يكون خلاف الصحيح . وهل يكون فعله حجة ؟ كلا لأنه لا يقوم بعمله باختياره وإنما هو مسير . 

    وهذا الكلام ينتهي إلى أن الرسول ليس هو ذلك القائد الذي يتبع إنما هو مسير . وهل يقبل مسلمٌ أن يتبع نبيًا يوجهه يهودي بسحره ويتحكم بإرادته ؟  فمثل هذه الروايات وهذه الكتب لو طبعنا منها مائة مليون كتاب فهل هذا يعد اهتمام برسول الله وبنشر فضائله ؟ أو أن النشر والاهتمام هو بنشر سيرته الصحيحة وما جاء في القرآن عنه وما جاء في الروايات المعتبرة التي يعضدها القرآن الكريم ويؤكد عليها . هذا ما يجب أن ينشر حتى لو كان جزء بسيط بمائة صفحة هذا أفضل من عشرة مجلدات فيها هذا الكلام وعلى هذا المعدل صار عندنا نبي في هذه الكتب يسهو ويسحر ولا يملك إرادته وينسى الوحي والتنزيل والآيات وهذا ما تقدمه هذه الكتب من صورة خاطئة للنبي . 

   ينتهي مثل هذا إلى أن النبي وبهذه الصورة غير جديرٍ في الواقع بأن يتبع وبأن يؤخذ كل ما قال وهذا منبع من المنابع التي قال بعض أصحاب النبي إن الرجل ليهجر والمعنى الدقيق لهذه الكلمة ( يخرف ) فعلى أثر المرض والحمى أحيانًا يقول الإنسان كلامًا لا معنى له وغير مربوط ! فهذا ليس النبي الذي يتحدث عنه القرآن ( إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ) فهذه الصورة لا تركب على تلك الصورة أبدًا .

   وفي الحياة العامة ينقلون لنا عن رسول الله صورةً لا تشرف حاملها ، كالرواية التي تقول أن رسول الله كان يمشي مع قومه حتى وصل إلى سباطة قوم فوقف ورفع ثوبه وأخذ يبول واقفًا ونادى بعض أصحابه ليأتيه بالماء ليتطهر ، هكذا يقول . فلو ترى ليس نبيًا ولا إمامًا معصومًا وإنما إمام جماعة يفعل هذا الفعل تستنكف هذا منه وتستنكره عليه أو لا فأنت تستنكف من جهة الطهارة ومن جهة الحياء ومن جهة الشخصية التي لا يناسبها هذا الأمر لذلك أول من كذب هذا الخبر من أتباع مدرسة الخلفاء ومن رموزها كانت زوجته عائشة قال ( وهذا موجود في سنن الترمذي ) قالت ( من حدثكم أن رسول الله بال واقفًا فكذبوه ) فهذا أمر شنيع لا يفعله أراذل لناس فكيف يفعله رسول الله ؟ وتورط الذين جاؤا فيما بعد بسبب اعتقادهم أن هذين الكتابين صحيح البخاري ومسلم معصومين ممن الخطأ وقالوا أنهما أصدق الكتب بعد كتاب الله ، وقال بعضهم لو أقسم رجلٌ على أن كل كلمة وردت في هذين الكتابين هي حقٌ لما حنث . فلما تقيدت أيديهم بهذه الطريقة كان لزامًا عليهم أن يصدقوا هذه الأحاديث فتورط بعض العلماء من شراح هذه الكتب أمام هذا الأمر الشنيع فظلوا يصعدون وينزلون فقال أحدهم لعل النبي في ذلك الوقت كانت تؤلمه ركبته ولا يستطيع الجلوس وبعضهم جاء بقضية طبية ليس لها أصل فقال أن البول واقفًا أفضل فهو ينزل الإدرار أكثر من لو كان جالسًا ، فتورطوا لأنهم يرون أن هذا العمل شنيع وغير معقول كل هذا ولا يقول أن الرواية غير صحيحة . فحتى لا تقول أن المؤلف مخطئ أومشتبه أو غير ذلك فهل أنت حاضر لتزكي المؤلف ولا تزكي رسول الله (ص) . 

    وزعموا أيضًا أن النبي جاء وقد رأى الأحباش يلعبون بالرماح ويدقون الطبل في المسجد فجاء مع زوجته وأقامها حتى تنظر إليهم ! وهذا في المسجد الذي أوقف من أجل العبادة فكيف يتحول إلى مسرح للعب بالرماح ودق الطبول وفيهم من هو نصف عاري وفيهم من هو مكشوف وغير ذلك فهذا لا يمكن أن يكون بمرأى ومسمع الرسول ( ص) الذي يمدحه القرآن بقوله : ( وإنك لعلى خلقٍ عظيم ) 

    أو أنه يستقبل الجواري المغنيات حتى أن بعض أصحابه كما زعموا اعترض على الجواري المغنيات ووجدها كبيرة والنبي أمضاها ، وهذه من الصور غير الصالحة وغير الصحيحة لرسول الله ( ص ) والذي هو أزكى وأعلى وأعلم . رحمة الله على الشيخ كاظم الأزري في قصيدته التي يقول فيها : 

حاز من جوهر التقدس ذاتًا       حارت الأنبياء في معناها

لا تجل في صفات أحمد فكرًا      فهي الصورة التي لن تراها

قلب الخافقين ظهرًا لبطنٍ         ورأى ذات أحمدٍ فاجتباها 

   فهذا هو النبي الذي نعرفه وليس كما وصفوه في كتبهم والتي لا تتطابق مع ما ذكره القرآن الكريم من مقاماته ( ص ) العظيمة والكبيرة وإنما هي صورةٌ مشوهةٌ . 

   وربما بعض الناس يفضل أن تبقى هذه الروايات في كتب مخالفي المذهب حتى ينفر الناس منهم نقول لهم هذا لا يسرنا أن تبقى في هذه الكتب ولا في غيرها وإذا بقيت فعلى العلماء أن يبينوا خطأها وعدم صحتها . ولكن علماء المذهب الآخر بما أنهم اعتبروا هذه الكتب صحاحًا وكل ما جاء فيها صحيح تورطوا وورطوا غيرهم وفتحوا على أنفسهم بابًا سيئًا على الإسلام وما يكتبه المستشرقون المتعصبون في ذم رسول الله وفي التهجم عليه أكثره أخذوه من رواياتهم . كما قالوا أن النبي أول ما نزل عليه الوحي كان متحيرًا حتى كاد أن يلقي بنفسه من شاهق وهذا موجود في كتبهم فيأتي ذلك المستشرق ويقول هذا يعني أن نبيكم عنده اضطراب نفسي لأن الإنسان الذي تأتيه رسالة من الطبيعي أن يستقبلها بشكل طبيعي أما أن ينتحر يتبين من هذا أن عنده أمراض نفسية غير طبيعية .

فأين هذا الكلام وما وردعن أئمة الهدى عليهم السلام الذين يقولون أن النبي كان يعرف بنبوته قبل أن يبعث بسنوات فبعض الأشجار تسلم عليه ويسمع الهاتف والوحي وجده عبد المطلب وعمه أبو طالب تحدثوا معه في هذا الأمر ورسول الله يعلم بذلك وكان يقول ( كنت نبيًا وإن آدم منجدلًا في طينته ) 

فهل كل الناس تعلم بنبوته إلا هو ؟ وغيرذلك حتى إذا جاءه الوحي يغطه ويحدث ما يشبه الملاكمة في ذلك المكان ثم يتعقد النبي ويفكر في الانتحار. 

وحتى يتعرف الناس على رسول الله وعلى الدين من خلاله أوصى رسول الله بثقليه قومه وبين لهم الطريق ( إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تظلوا من بعدي أبدًا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ) ولكن للأسف كما قال الشاعر

         وهم بأن يوصي بثقليه قومه        وبالعكس كانوا ما يريد بمرصد

ويقول آخر 

         يلوح له الثقلان ثقلٌ ممزقٌ         بسهمٍ وثقلٌ في الفلات ممدد