كتابة الأخت الفاضلة انتصار الرشيد
قال رسول الله صل الله عليه وآله ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) صدق مولانا النبي محمد صل الله عليه وآله وسلم
بمناسبة ذكرى شهادة السبط الأول لرسول الله صل الله عليه وآله والإمام الثاني من أئمة المسلمين أبا محمد الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه ونسأل الله أن يزيدنا معرفة به وبآبائه وأخيه و العترة الطاهرة وأن يزيدنا ولاء بمحبتهم و أن يجمعنا وإياهم في مستقر رحمته إنه على كل شيء قدير.
نذكر هذه الليلة مرور إجماليا على حياة هذا الإمام العظيم الذي لم ينصفه التاريخ ولم يتعرف عليه كثيرا من المسلمين وعلى مواقفه خاصة وأن مناسبات الإمام المجتبى عليه السلام غالبا مناسبتان في السنة مناسبة الميلاد ومناسبة استشهاده فيناسب أن نتعرض لهذه السيرة العطرة وأن نذكر بهذه الحياة الحافلة بالفضائل بالمناقب لأن المعرفة بداية حركة الإنسان كما يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام ( ما من حركة إلا وأنت محتاج فيها إلى معرفة ) فإذا كنا نريد أن نتحرك باتجاه الإقتداء بأئمة الهدى وبالإمام الحسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليهم يحتاج أن نتعرف عليه ، ما من حركة إلا محتاج فيها لمعرفة ، ومن الطبيعي أن حياة حافلة امتدت 47 سنة هي عمره الشريف عليه السلام حيث ولد في السنة الثالثة من الهجرة واستشهد مسموما في زمان معاوية بن أبي سفيان سنة 50 للهجرة .
كان مجيء الإمام الحسن المجتبى وولادته في البيت العلوي الفاطمي له أكثر من أثر ؛ الآثار الاجتماعية العادية التي تترافق مع ولادة كل مولود في أسرة جديدة ،عندما تتزوج ويولد لك مولود لابد أن الأب يكون مسرورا والأم كذلك والأقارب وهذا أثر اجتماعي ملحوظ لابد أنه رافق ولادة الإمام الحسن عليه السلام .
وهناك أثر آخر مرتبط بالموضوع العقائدي وهو أن مجيء الإمام الحسن عليه السلام في فترة كان فيها أولاد النبي المصطفى صل الله عليه وآله من خديجة الذكور صلوات الله عليهما قد توفوا قبل الهجرة ولم يتزوج بعد من مارية القبطية للهجرة فهو على الظاهر لا يمتلك امتداد ،فيما بعد ظهرت ماريا القبطية وولدت له ابراهيم .
ولادة الإمام الحسن في سنة 3 للهجرة أكدت ما قال القرآن الكريم أن نسل الرسول صل الله عليه وسلم لم ينقطع ، وإنما الأبتر من يشنؤه ويبغضه ، وأن النبي سيمتد نسله من فاطمة عليها السلام .
هناك عناية خاصة من قبل الرسول بهذا المولود العظيم وفيما بعد بأخيه الحسين عليهما السلام أحاطهما النبي بالعناية وأشار لهما بالإمامة وأعلن عنهم بالتفضيل ، الفترة التي عاشها الحسن المجتبى وأدرك فيه جده النبي المصطفى لا تزيد عن سبع سنوات ومع ذلك وجدنا مئات الأحاديث التي ذكر فيها النبي المصطفى سبطيه الإمام الحسن والحسين وأشار إليهما إشارة واضحة في تفضيلهما وتقديمهما على غيرهم وإمامتهم على غيرهم لكل من عداهم ماخلا عليا عليه السلام فهذه من الروايات التي ذكرناها قوله صل الله عليه واله ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) وفي رواية أخرى ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ) وفي رواية ثالثة مفصلة ( ألا أنبئكم بخير الناس أبا وأما وجد وجدة وعم وعمة وخال وخالة الحسن والحسين ) ثم بدأ يفصل أن جدتهما خديجة وأن أباهم علي عليه السلام وأمهما فاطمة وخالهما القاسم وخالتهما زينب وهكذا كان يعدد ثم قال ألا وإن من أحبهما فهو في الجنة ) اللهم أجعلنا من أحباب الحسن والحسين واحشرنا معهم يوم القيامة .
ما هي الغاية من أحاديث المناقب :
هناك إشارات كثيرة جدا وإن أحاديث المناقب الذي لم يتوجه إليه أحد ليست أوسمة توزع من قبل النبي وإنما إشارات عقائدية ، مثلا عندما يقول يا عمار آخر شرابك ضياحا من لبن وتقتلك الفئة الباغية لم يمدح عمار وإنما يريد أن يعرف مقياس الفئة الباغية من الفئة الهادية وهذا سيستفيد منه من يعرف هذا الأمر
وعندما قال في حق حذيفة بن اليمان العنسي إنه أن تسألوه عن أسماء المنافقين تجدوه عليما بهم حتى حذيفة يأتي فيما بعد ويقول للناس أيها الناس إذا اختلفتم في شيء فعليكم بعلي بن أبي طالب
هذه المعرفة التي يعطيها كمثل المنصب كأنها ميزان ومقياس وهذا إشارة إلى الجنة .. ليس القضية هذا أحبه أو هذا ارتاح له أو كذا وكذا النبي ليس بصدد هذا إنما هو هاد ومبشر ونذير حتى هذه الأشياء تصب في باب هداية الناس مدحه لهذا وذمه لهذه الفئة وذكره للشجرة الملعونة واغتمامه من ذلك وما شابهه من الأمور ليس لعداء شخصي بينه وبينهم وليس لعواطف سلبية وإنما يريد أن يبين أن هذا المنهج الخاطئ وهذا الطريق طريق ظلال وهناك طريق الهداية مدح أبي ذر ومدح سلمان و حذيفة وحتى أصحاب النبي و ذكر مناقب علي عليه السلام ومناقب الحسنين وما أبعد من ذلك هي إشارات وهدايات إلى الطريق الحق طريق محمد وآل محمد .
فأحاط النبي صلى الله عليه وآله الحسن ومن بعده الحسين إحاطة اهتمام وتحدث في أمور في ذلك الوقت لم يكن لها معنى إلا الهداية النهائية.
ما معنى أن يقول النبي ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ) والإمام الحسن عمره خمس سنوات ما الفائدة من ذلك أو سيدا شباب الجنة أو ما شابه ذلك
الغرض أنه أيها الناس احفظوا هذه الأحاديث ودونوها في أذهانكم غدا ستحتاجونها عند اضطراب الفتن .
لا تعترض على قرار يقوله الإمام الحسن وتقول هذا لا نريده ، الإمام الحسن هو إمام أي شيء فعل ، هو إمام عليك أن تطيعه ، لا تتصور أحد يتقدم على الحسن والحسين غير النبي وأمير المؤمنين سادة الخلق وسادة أهل الجنة هم نخبة الخلق سادة الخلق الحسن والحسين عليهما السلام لأحد يقارن أي شخص بالحسن والحسين
مثل هذا المنهج لا يقارن فيه بالحسن والحسين لا يقربون من مستوياتهم ، هذه إرشادات نبوية
عاش الإمام الحسن مع جده طوال هذه الفترة كان يشير الرسول لكثير من الأمور التربوية يصعد على كتفه وهو يصلي و هو يشير إلى بعض النواحي التربوي والعقائدية ، حتى انتقل الرسول إلى رضوان ربه وحصل ما حصل بعد وفاة رسول الله والحسن عمره بحدود سبع إلى ثمان سنوات عندما صارت الخلافة في غير موضعها هنا ينقلون مرة تنقل عن الإمام الحسن ومرة تنقل عن الحسين هذه الحادثة وذلك لتشابه رسم الأسمين لاسيما في الكتب القديمة قبل التنقيط فهذه أحد وجوه الاشتباه لنسبة بعض قصص الحسن للحسين أو العكس
ينقل عن الإمام الحسن عليه السلام لما تولى الخليفة الأول وكان عمره حدود سبع سنوات أو حولها ورأى على منبر رسول الله صل الله عليه وآله غير رسول الله وغير أبيه علي عليه السلام الذي كان ينبغي أن يكون خليفة النبي فجاء إلى الخليفة وقال له أنزل عن منبر أبي و أذهب إلى منبر أبيك ، إذا هذا المنبر منبر والدي رسول الله صل الله عليه وآله فالمفروض بشكل طبيعي يأتي مكانه والدي علي عليه السلام لما أوصاه به ولما تحدث عنه ، يقال إن بعض أصحاب النبي أراد أن يتحرى هل هذا الكلام دفع إليه الحسن من قبل أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام فتبين له خلاف ذلك بل كان موقف من الإمام الحسن ضمن إدراكه لذلك الوضع الذي كان حاضرا .
وعندما نأتي إلى زمان الخليفة الثاني لا نجد موقف استثنائي خاص سوى أن الإمام الحسن كان في تلك الفترة كسائر شيعة أبيه ملتزم بطريقة وأسلوب والده أمير المؤمنين عليه السلام ، أمير المؤمنين رفع شعارا ( فرأيت الصبر على هات أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا أرى تراثي نهبا ...) ، مع انتقاداته وملاحظاته على الوضع الموجود وقوله فيما بعد ( فصاحبها كراكب الصعبة ) أي الناقة العسيرة الإنقياد المتمردة إذا اشنق لها خرم أي يجرها بقوة على فرس جموح لم يروض ، إذا يخلي الحجام في أنفه ويجذبه بقوة فيشق ، إن اشنق لها خرم و أن أسلس لها تقحم يعني يمشي أهلك هذا الفرس راكبه . وصف أمير المؤمنين الخلافة في ذلك الوقت ضمن هذا الإطار وقدم نصحه وإرشاده وانتقاداته بالمقدار الذي كان يسمح به الوضع وأن يصحح ويطوع ما استطاع .
الإمام الحسن عليه السلام شارك أباه في مواقفه وما كان يتخطى وهو الإنسان الملتزم مواقف أبيه وقبل ذلك هو إمامه وبالتالي يجب عليه طاعة الإمام ، وبهذا أراد بعض الكتاب أن يفصلوا بين طريقة أمير المؤمنين عليه السلام وطريقة الإمام الحسن عليه السلام وأن الحسن لم يكن على طريقة أبيه هذا لا تقبل به العقيدة كيف وأمير المؤمنين عليه السلام يقول في حق ولده الحسن عليه السلام( وجدتك بعضي بل وجدتك كلي) أنت كل شخصيتي عندك وليس بعضي أو جزء من أجزائي بل وجدتك كلي فعناني من أمرك ما يعنيني من أمر نفسي حتى لو أن الموت أصابك أصابني .
إذا في هذه الفترة كان الإمام الحسن ضمن سياسة وطريقة أبيه علي عليه السلام وأوضح من ذلك في زمان الخليفة الثالث كان من ضمن الأشخاص الذين ابتعثوا من قبل أمير المؤمنين عليه السلام لحل المشكلة الموجودة بين الخليفة الثالث وبين الثائرين عليه ، أئمة أهل البيت عليهم السلام ليسوا أصحاب استغلال لمواقف بل ينظر إلى مصلحة الإسلام بشكل عام ،إن كان يمكن إصلاح الوضع بدون إراقة دماء فليصلحه ، وهذا ما سعى له أمير المؤمنين وعقد ما يشبه اتفاق على الثائرين على الخليفة الثالث على أن يصلح الأوضاع، يعزل الولاة الظالمين وأن يراقب صرف المال بشكل دقيق لكن مروان بن الحكم تدخل في اللحظة الأخيرة ، قالوا أن الثائرين الذين حضروا من الكوفة ومن البصرة عسكروا في المدينة لكي يواجهوا الخليفة ويقتلونه ، الإمام أمير المؤمنين عليه السلام منع هذا الأمر ، أنتم تريدون الإصلاح فله طرقه وقنواته . ما هي الإشكالات التي أوصلها أمير المؤمنين للخليفة الثالث لكي يصلح أوضاع المسلمين ولا يسال الدم ؟
مروان بعد أن صارت الاتفاقية وكتب الخليفة عهدا على نفسه بعزل الولاة الفاسدين وترتيب الأوضاع كما اقترح عليه أمير المؤمنين عليه السلام ، رجعوا الثائرين إلى مناطقهم ، عندما خرجوا خارج المدينة هناك رجل رجع بسرعة شديدة قالوا يخبط الناقة خطبا فشكوا في أمره فكان غلام من غلمان الخليفة والناقة من نياق الصدقة من بيت المال فسألوه أين تذهب فتلجلج ، فتشوه فوجدوا رسالة خاصة من مروان مختومة بختم الخليفة الثالث إلى واليه في مصر أنه إذا جاءك هؤلاء القوم بهذا الأمر فاقطع رقابهم إلى آخرهم نقضوا الاتفاق وحصل ما حصل ،الإمام عليه السلام سعى قدر إمكانه لكي يصلح وضع الأمة ، لا حظوا موقف الإمام والذي يستغل الأوضاع ويعمل المشاكل ليصنع التشنج لغرض المصالح الشخصية ، الإمام الحسن عليه السلام كان في هذه الأثناء ومعه الإمام الحسين وابن عباس وبعض الصحابة كانوا من ضمن من يتولى أمر المفاوضات والحراسة لكي لا يكون هناك هجوم على النساء ولا تطور غير طبيعي في زمان الخليفة الثالث هناك كلام محل خلاف .
هل اشترك الإمام الحسن عليه السلام في بعض الغزوات والمعارك والفتوحات أو لا ؟
الرأي الغير إمامي الموجود في مصادر كتب مدرسة الخلفاء وينقلون عن تاريخ الطبري وعن الجوزي وغيرهم أن الإمام الحسن عليه السلام شارك في موضعين على الأقل واحد في شمال أفريقيا بقيادة سعيد ابن العاص ، والموضع الثاني في فتح طبرستان في إيران هذا في زمان الخليفة الثالث في سنة 27 إلى 30 للهجرة يريدون أن يرتبوا عليه أمر عقائدي مادام الحسن قد شارك في مثل هذه الحروب يعني يرى شرعيتها وبالتالي يرى شرعية الخلفاء ويعني أن علي بن أبي طالب يرى أن شرعية الخلفاء مشروعة.
رأي مدرسة الإمامية غالبا يقولون هذا لم يثبت من طرفنا في أي رواية، الروايات التي تتبعت حياة الحسنين عليهم السلام في أدق تفاصيل حياتهما لم تذكر هذا الموضوع لكان ظهر وبان لأنها حروب في سنوات وأعمارهم كبيرة حدود 24 سنه يكون عمر الإمام الحسن أو أكبر من ذلك الروايات التي فصلت في حياتهما لا تذكر تلك المشاركة .
الأمر الآخر وهو الموضوع العقائدي ،
في كتاب القول السديد في أحوال الحسين الشهيد من غير مدرسة أهل البيت عليهم السلام يقول أن الحسين شارك في الجيش الذي قاده يزيد إلى القسطنطينية يعني الحسين تحت قيادة يزيد بن معاوية ، والحقيقة أن قيادة يزيد لجيش القسطنطينية أصلا مشكوك فيه ، هذا غير موجود في روايات أهل البيت عليهم السلام ولا في مصادر الشيعة الأمامية مثل هذا القول يأخذ جانب عقائدي ، أن يزيد يكون قائد للحسين عليه السلام هذه القضية لا تزال محل دعوة من قبل المؤرخين لا توجد عليها قرائن واضحة هذا في زمان الخليفة الثالث .
كان في زمان أمير المؤمنين عليه السلام اتخذ الإمام الحسن عضده الأيمن وشخصا مبرزا وكان في وقت السلم أو الحرب كان الإمام الحسن عليه السلام له دور بارز
أما في وقت الحرب كان في حرب الجمل كان له موقف متميز ، وأن أمير المؤمنين عليه السلام عندما رأى أن الجمل الذي يحمل الهودج الذي يعتبر مركز القيادة كان قد أحيط بعدة صفوف من المقاتلين عدة حلقات وأكثرهم من أزد البصرة كانوا متفانين في حماية الجمل إلى درجة أنهم كانوا يأخذون من بعر الجمل وسماده ويفتونه ويقول ما شاء الله بعر جمل هؤلاء القوم أطيب من ريح المسك . كان الدفاع عنه دفاع مستميت نظرا لأنه يمثل مركز القيادة كان أمير المؤمنين عليه السلام يريد أن يسقط الجمل يريد أن يضرب مركز القيادة لكن حزام الدفاع كان قوي جدا فأرسل عدة أشخاص متعددين ليفكوا الحماية ويسقطوا الجمل ما استطاعوا إلى أن طلب من ابنه محمد بن الحنفية وهو من العرب الشجعان يذكر أنه يعتبر من القلائل الأقوياء على هذا المستوى حتى أنه إذا أراد أن يعاقب أحد ثنى عليه عمود من حديد وحبسه فيه كان قوي الجسد جدا وشجاعا مبرزا فأرسله لاقتحام هذا العسكر وطعن الجمل فذهب وحاول عدة مرات ولم يستطع لأن الدفاع جدا قوي فرجع.
فأخذ أمير المؤمنين عليه السلام الرمح منه وأعطاه لابنه الحسن عليه السلام فقال له أحمل وأطعن الجمل بالفعل كان الحسن عمره 32 سنة تقريبا حمل حملة قوية جدا واقتحم هذه الصفوف وطعن الجمل في لبت صدره ، فبدأ مركز القيادة يسقط بالتدريج وبدأ ينهار حتى قيل أن محمد بن الحنفية تأثر أنه كيف هو الشجاع القوي ابن علي ابن أبي طالب لم يستطع أن يحقق طلب أبيه بينما أخوه الحسن حقق ذلك ، لاحظ عليه أمير المؤمنين عليه السلام فقال له يا محمد إنه ابن النبي و أنت ابن علي يعني هذا الحسن فيه ما ليس فيك أنت فيك الشجاعة والقوة والبطولة من طرف واحد والحسن من طرفين من صوب علي بن أبي طالب ومن صوب رسول الله ها لفارق بين رسول الله وعلي اجتمع خلاصة بني هاشم هو هذا ، هذه ميزة للإمام الحسن عليه السلام اعتماد علي عليه السلام على ابنه في الحرب
اعتماده عليه في السلم في التحشيد للحرب عندما خرج أمير المؤمنين عليه السلام وكان على الكوفة ذلك الوقت أبو موسى الأشعري وكان الأشعري لا يرتاح كثيرا لأمير المؤمنين كان يرى لو جاء شخص آخر للخلافة غير علي ابن أبي طالب أفضل كان طمعه في عبد الله بن عمر ، ولذلك في مسألة التحكيم حينما قال لعمرو بن العاص أنت أخلع صاحبك وأنا أخلع صاحبي ، قال له عمرو بن العاص لا ينفع أن أتقدم عليك أنت رجل كبير ولك مكانتك قال أنت ابدأ، قال أنا أخلع صاحبي كم أخلع خاتمي هذا ، قال يا قوم أنتم سمعتم الرجل لقد خلع صاحبه وأني اثبت صاحبي في الخلافة كما اثبت خاتمي هذا في أصبعي .
الشاهد أن أبا موسى الأشعري كان على الكوفة وأمير المؤمنين أرسل عمار بن ياسر والإمام الحسن إلى الكوفة لكي يستنهضوا أهل الكوفة للجمل لإن أمير المؤمنين بعد معركة الجمل اتخذ الكوفة عاصمة له ، معركة الجمل كانت من المدينة هذا الاستنهاض يسمى نوع من التحشيد .
وأما في حالة السلم العادية فترات الاستقرار القليلة التي أعطيت لأمير المؤمنين عليه السلام ، كان أمير المؤمنين يشير إلى فضيلة ابنه الحسن العلمية ويوجه الناس للتعرف على أجوبته
روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان في الرحبة ، فقام إليه رجل فقال : أنا من رعيتك وأهل بلادك ؟
قال ( عليه السلام ) : لست من رعيتي ولا من أهل بلادي ، وإن ابن الأصفر – يريد ملك الروم – بعث بمسائل إلى معاوية فأقلقته وأرسلك إليَّ لأحلَّها .
قال الرجل : صدقت يا أمير المؤمنين ، إن معاوية أرسلني إليك في خفية وأنت قد اطلعت على ذلك ، ولا يعلمها غير الله .
قال ( عليه السلام ) : سل أحد ابنيَّ هذين .
قال الرجل : أسأل ذا الوفرة – الوفرة : هي الشعر المتجمع على الرأس – يعني الحسن عليه السلام ) فأتاه .
فقال له الحسن ( عليه السلام ) : جئت تسأل كم بين الحق والباطل ؟ وكم بين السماء والأرض ؟ وكم بين المشرق والمغرب ؟ وما قوس قُزَح ؟ وما المُؤَنَّث ؟ ، وما عشر أشياء بعضها أشدّ من بعض ؟
قال الرجل : نعم .
قال الحسن ( عليه السلام ) : بين الحق والباطل أربع أصابع ، ما رأيته بعينك فهو حق وقد تسمع بأذنيك باطلاً .
وبين السماء والأرض دعوة المظلوم ، ومَدّ البصر .
وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس
وَقُزَح اسم الشيطان ، وهو قوس الله وعلامة الخصب ، وأمان لأهل الأرض من الغرق .
وأما المُؤنَّث فهو الذي لا يُدرَى أذكر أم أنثى فإنه يُنتَظَرُ به ، فإذا كان ذكراً احتلم ، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثدييها ، وإلا قيل له : بُلْ ! فإن أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول البعير فهو أنثى.
وأما عشرة أشياء بعضا أشدّ من بعض ، فأشد شيء خلق الله الحجر ، وأشد منه الحديد يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد النار تذيب الحديد ، وأشد من النار الماء ، وأشد من الماء السحاب ، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب ، وأشد من الريح الملك الذي يردها ، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك ، وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من الموت أمر الله الذي يدفع الموت .
الله سبحانه وتعالى هو الذي يميت الخلق ويحي الخلق وهو على كل شيء قدير فإذا أراد الإنسان أقوى شيء فليتمسك بالله ويقول بسم الله وبالله بحول الله وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد هذا يجب أن يكون شعار حياتنا بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله هذه سيرة أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم حتى إذا جاءت الإمامة لإمام الحسن عليه السلام ضمن تلك الظروف الصعبة التي عايش فيها معاوية لكن أدار أمر الإمامة بنحو لم يتمكن معاوية أن يصبر على هذه الإدارة وإن يجاريه فيها ،لاحظوا في علاقات الدول والمجموعات في الحرب الباردة بينهم إذا كانت تمشي على أصولها لا يلجئون إلى الحرب الساخنة وإلا تقوم الحرب بينهم ،إذا اثنين من الناس هذا يكيد لهذا وهذا يكيد لذاك كل واحد يشتغل على طريقته إذا واحد يشعر بالعجز يقوم بمحاولة القضاء على الثاني، فقتل شخص لشخص ليس قوة بل دلالة على ضعف وهذا الذي صنعه معاوية بن أبي سفيان مع إمامنا حسن المجتبى صلوات الله وسلامه عليه فأنه تآمر على حياته وأنه أتيحت له الفرصة عندما جاء الأشعث بن قيس وهو رجل يطلب المال والشهوة والزعامة من غير أهلها فاستعان بزوجة الإمام الحسن وهي جعدة بنت الأشعث بن قيس فأرسل إليها سم فتاك لتسم به إمامنا الحسن المجتبى جيء بهذا السم وكان إمامنا صائما ونعرف أن الصائم في آخر النهار يحتاج ما يبرد به عطشه وجوعه وأول ما يأوي إلى بيته كان سيدي غريبا في بيته صائم وجاءت تلك المرأة إليه بلبن حليب دست فيه ذاك السم القتال فتجرعه إمامنا صلوات الله وسلامه عليه