5 من تاريخ التشيع في مصر

أضيف بتاريخ 03/14/2024
|

تاريخ التشيع في مصر
تفريغ نصي الفاضلة أمجاد عبد العال
ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://al-saif.net/?act=av&action=view&id=2040

حديثنا بإذن الله تعالى، يتناول في هذه الليلة، شيئا من تاريخ التشيع في بلاد مصر، الغرض كما ألمعنا إليه مرارا، هو توجيه رسالة للمسلمين، أن التشيع لأهل البيت (ع)، ليس حالة طارئة في العصر الحديث، ولا أنه منبعث من منطقة محددة، من الجغرافيا، وإنما هذا الفهم للإسلام، وهذا المنهج في تطبيقه، كان منذ البدايات، وعلى مستوى كل المسلمين، في فترات مختلفة من التاريخ، فأنت تجده، في آسيا، وتجده في أفريقيا وتجده عند العرب، وتجده عند غير العرب، وهذا ينبغي أن ينتهي إلى قبول التعايش بين المسلمين، وأن لا يفكر فريق أو مذهب في إلغاء مذهب آخر، أو مصادرته، وإنما ينبغي أن يفكر الجميع، في وضع أساليب وقوانين، تضمن التعايش والتسالم، لهذا تعرضنا في سنوات ماضية، إلى بيان تاريخ المسلمين، في الهند، في أذربايجان، في أفغانستان، في إيران، في العراق، في لبنان، في الجزيرة العربية، وهذا الانتشار على المستوى الجغرافي، يشير إلى هذا المعنى
نتحدث هذه الليلة أيضا حول هذه المنطقة، ووجود التشيع فيها، ضمن ذات الإطار. بطبيعة الحال، لا يمكن بإنسان مهما أوتي من البيان أن يختصر أربعة عشر قرنا، فترة وجيزة من الزمان وأن يلم بكل شيء، لذلك ينبغي الاقتصار على أهم المراحل وأهم الأحداث. ومن أراد التفصيل فيمكن له أن يرجع إلى الكتب الموسعة في هذا الجانب، والبحوث المعدة والمخصصة لهذا الشيء.
التشيع بما هو ميل لأهل البيت (ع)، في المرحلة الأولى، ثم طاعتهم واعتبارهم أئمة وقادة منصوبين من قبل الله عز وجل، في المرحلة الثانية، عرف من بدايات الإسلام. بالنسبة إلى بلاد مصر، بع الباحثين يذكر أن دخول التشيع إلى مصر، كان من ضمن دخول المسلمين عندما فتحوا بلاد مصر، في سنة، إحدى وعشرين، للهجرة، وكانت قبل ذلك تحت حكم الرومان، فافتتحت في سنة إحدى وعشرين، أيام الخليفة الثاني، وكان ضمن ذلك الجيش الذي ذهب لفتحها، عدد من الصحابة ممن عرف بالولاء العام لأهل البيت، أمثال المقداد، بن الأسود الكندي، وأبي ذر الغفاري، وأبي أيوب الأنصاري، وأمثالهم، عمار بن ياسر فيما بعد، كما ذكر ذلك المرجع الديني الشيخ السبحاني، في بعض بحوثه.
فتعرف الناس، بطبيعة الحال، عندما يتحدث أبو ذر، أو يتحدث عمار، أو يتحدث المقداد، فإنه سيعرض الإسلام ضمن ثقافته هو، وهو لا شك من أولياء أهل البيت (ع). زاد هذا الأمر، وتوغل بحيث يرى بعض الباحثين أن دور المصريين في النهضة والثورة على الخليفة الثالث، كان بالإضافة إلى جوانب الحيادية، قضايا العطاء، واستئثار بعض الأمويين والمقربين، يرى أن هناك في هؤلاء، كان يوجد عدد غير قليل، ممن يرون أولوية أمير المؤمنين (ع)، وأفضليته على من سواه، حتى إذا صارت خلافة أمير المؤمنين الظاهرية، بايعت بلاد مصر، بكاملها، إلا قرية واحدة اسمها، خربتة، بايعت أمير المؤمنين، والإمام أرسل إليهم قيس بن سعد بن عبادة، الأنصاري، والده سعد بن عبادة، أحد زعماء الأنصار، وهو قيس أحد الفدائيين لعلي بن أبي طالب، والمخلصين في ولائه، فأرسله واليا على مصر، واستطاع أن يأخذ ولاءها وبيعتها، بأمير المؤمنين (ع).
صارت حرب الجمل وصفين، فاستدعى أمير المؤمنين قيس بن سعد، لما له من دور مهم، وعسكري، وأيضا من مكانه وموقعيته بين قومه من الأنصار، فاستدعاه كي يكون معه محمد بن أبي بكر، محمد بن أبي بكر، تربية علي بن أبي طالب، وذلك لأنه توفي عنه أبوه، الخليفة الأول، وعمره سنتان فيما قيل، تزوج أمير المؤمنين (ع) أمه أسماء بنت عميس، أم محمد بن أبي بكر، وزوجة أبي، تزوجها الإمام علي (ع)، واعتنى الإمام بمحمد، عناية خاصة، حتى أثر عنه قوله، "محمد ابني من صلب أبي بكر"، يعني نسبا هو ينتمي إلى والده، ولكن تربية وتهيئة ونفسية، هو تربيتي.
فأرسله إلى مصر، في مصر، الأمويون اشتغلوا عليها. أرسل معاوية عمرو بن العاص، ومعاوية بن حديج وزودهم بجيش، ورشا بعض القرى، وصارت ما يشبه الانتفاضة والمواجهة، بين مناصرين محمد بن أبي بكر، اللي هو الوالي من قبل المسلمين، وبين الفئة المتمردة، التي كان على رأسها عمرو بن العاص ومعاوية بن حديج. انتهى الأمر إلى أن هزم أصحاب محمد بن أبي بكر، وأخذ محمد بن أبي بكر، ووضع في جلد حمار، وأحرق. في أول حادثة في تاريخ المسلمين تحصل بهذه الطريقة، أن تحرق جثة إنسان مسلم في جوف جمار، في جلد حمار، حتى قيل أن بعض أخوات محمد بن أبي بكر، قيل أنها: أسماء، وقيل أنها: غيرها، لم تذق بعد ذلك شواء أبدا. لأنه كلما رأت شواء تتذكر جنازة أخيها التي شويت بالنار. وشوفنا الزمان أيضا جماعة يشوون المسلمين ويعذبونهم بهذه الطريقة. وهذا مع الأسف يحدث باسم الإسلام.
على أي حال، أمير المؤمنين، بعد خمس سنوات، استشهد، وأصبحت مصر خالصة ضمن إطار الدولة الأموية، لم يحدث فيها شيء استثنائي في تلك الفترة، من كان يعتقد بولاية أمير المؤمنين، ويؤمن به، كان يخفي ذلك، باعتبار أن الدولة هي دولة بني أمية، وكما كان الناس في العراق يصنعون هذا الأمر، بطبيعة الحال، فإن من كان يوالي عليا في مصر، كان يمارس نفس هذه الحالة من التخفي والتستر، إلى أن وصلنا إلى زمان العباسيين.
زمان العباسيين، فيه فترتان على طرفي نقيض، الفترة الأولى: إلى ما قبل زمان المتوكل العباسي، يعني من زمان السفاح والمنصور والرشيد، وهالأسماء هذي، إلى ما قبل زمان المتوكل، هذه الفترة، كان العلويين، والهاشميون وأولياء اهل البيت (ع)، يجدون في مصر مكانا آمنا وبعيدا عن المطاردة، فد مكان بعيد عن بغداد، بعيد عن نظر السلطة الحاكمة، فكانوا يذهبون إلى تلك الأماكن، ويجدون فيها حريتهم وراحتهم، ولذلك لجأ إليها عدد غير قليل من العلويين والهاشميين ومن شيعة أهل البيت (ع)، ولا سيما وأن تلك المنطقة أيضا، نجد فيها بعض الأماكن التي ترمز إلى الموضوع الشيعي، مثال على ذلك: مسجد رأس الحسين (ع)، أو مشهد رأس الحسين، فإنه في ذلك الوقت ....